دليل املتدربة ٢٠١٥ ملزيد من املعلومات برنامج هى لدعم المرأة القيادية مقدمة فى تحليل ورسم السياسات العامة

Transcript

1

2 برنامج هى لدعم المرأة القيادية مقدمة فى تحليل ورسم السياسات العامة دليل المتدربة سنة ٢٠١٥ م الطبعة األوىل ٢٠١٥ حقوق النرش و التوزيع و الطباعة محفوظة ملركز هى للسياسات العامة برنامج هى الرتقيم الدويل : ٥-٢٩٥٣ - ٩٠-٩٧٧ - ٩٧٨ رقم االيداع : ٧٨٥١ ٢٠١٥ / ملزيد من املعلومات نرجو زيارة موقعنا عيل االنرتنت : للمزيد من املعلومات الرجاء مراسلتنا عيل : info@heya-program.org 3 دليل املتدربة ٢٠١٥

3 الفهرس 6 فريق العمل 8 مقدمة 10 مكونات دليل املتدربة 10 القسم األول - املفاهيم 10 مفهوم التنمية 10 مفهوم تنمية املجتمع 11 مفهوم الدور 11 مفهوم الدور االجتامعي للمرأة 11 مفهوم الدور الثقايف للمرأة 12 مفهوم املشاركة 14 أمناط املشاركة 18 مفهوم حقوق اإلنسان 18 إعالن 18 معاهدة 18 اتفاقية 18 اتفاقية عقدية 19 اتفاقية شارعة 19 عهد 19 ميثاق 19 نظام 19 اتفاق 19 ترصيح 19 بروتوكول 19 توقيع 19 تصديق 19 انضامم 20 تحفظ 20 االنسحاب من االتفاقيات 20 بدء نفاذ االتفاقية 20 القانون الدويل لحقوق اإلنسان 20 القانون الدويل اإلنساين 25 القسم الثاىن تعريفات السياسة العامة. 25 تعريفات السياسة العامة 26 بنية النظام السيايس 31 الفرق بني السياسة العامة والتوجه السيايس 34 ملاذا السياسة العامة 35 دورة السياسة العامة 39 خصائص مشاكل السياسات العامة 40 أنواع مشاكل السياسات العامة 41 أولويات السياسات العامة 42 صانعو السياسات العامة 44 عمليات رسم السياسات العامة 45 عجز السوق -عجز الحكومة الفرصة البديلة 45 السوق 45 عجز السوق - عجز الحكومة 45 قانون العرض والطلب 45 محددات الطلب 46 العرض 46 الطلب 59 القسم الثالث - تحليل بيئة السياسات العامة. 59 تعريف املشكلة العامة 60 تحليل املشكلة 62 تحليل أصحاب املصلحة 66 تحليل البدائل 66 تحليل البدائل/ مستويات السياسات العامة 67 تقييم البدائل / املفاضلة بني البدائل 70 مصادر التمويل 71 تنفيذ السياسة العامة 72 عنارص عملية تنفيذ السياسة 74 أبرز معوقات تنفيذ السياسات العامة 5 4

4 فريق العمل اإلرشاف الفني وتدريب املدربني: السيد/ أحمد عبد الحميد املدير اإلقليمي لربنامج هى. السيد/ حسن حسني مستشار السياسات العامة تجميع املادة العلمية و خرباء وطنيون : - السيدة/ منال سمرة املنسق الوطني مرص. - السيد/ أحمد العلوش املنسق الوطني تونس. - السيد/ فادي الجمل املنسق الوطني لبنان. - السيد/ أحمد املرصي املنسق الوطني اليمن. - السيدة/ صفاء هلسة املنسق الوطني األردن. خرباء وطنيون: مرص. - السيد / محمد محمود سامى مرص. - السيد / احمد حسن عثامن مرص. - السيدة / مريم عىل احمد سامل اليمن. - السيدة / رميله محمد شاهر االنىس اليمن. - السيدة / عبري محمد محمد الكبىس اليمن. - السيدة / عبري حمود عبده لبنان. - السيد/ محمد بارودي _ تونس. - السيد / هاشم بن بو السعود حميدى _ تونس. - السيد / ناظم بن املربوك الربدعة - السيدة / كوثر بنت صالح الدين دباش _ تونس. األردن. - السيدة / دميه كراتىش األردن. - السيد / بادى بقعني األردن. - السيدة / وحيده حامد موىس حيدر التنسيق اإلقليمي لفريق العمل و املراجعة النهائية: السيد/ أحمد العسال املنسق اإلقليمي لربنامج هى. املراجعة اللغوية: السيدة/ دينا أحمد. املؤسسات والجمعيات الرشيكة بالربنامج تصميم وإخراج الدليل: السيد / يوسف طارق. السيدة/ غفران الخياط. الصياغة واإلرشاف العام: السيد/ صالح محمد عبد الرازق خبري تنمية مؤسسية وبناء قدرات. 7 6

5 املقدمة يأيت )دليل املتدربة( ىف مجال )مقدمة ىف تحليل ورسم السياسات العامة( تتويج ا ملجموعة من املجهودات املتنوعة واملتميزة التي ساهم فيها فريق عمل متميز من كافة الجمعيات الرشيكة ىف برنامج هى بالدول العربية الخمس املشاركة ( مرص لبنان تونس اليمن - األردن ( مام أرىس اللبنات األوىل واألساسية لوضع هذا الدليل املتميز. كام أن االستشارى املكلف من قبل اإلدارة اإلقليمية للربنامج ساهم هو اآلخر يف هذا الربنامج وذلك بإعادة صياغة وترتيب محتوياته وإضافة بعض األفكار املستوحاة من الخربات والتطبيقات املتعددة ومن األدبيات املرتبطة باملنهجية الحديثة للتدريب مام أدى إىل ظهور دليل املتدربة بهذا الشكل املتميز ومبا يتوافق مع الفكر التنموي الحديث ومع أهمية وضع أطر للسياسات العامة لتحديد أداء كافة قطاعات املجتمع بحيث أصبحت التنمية االقتصادية للبلدان تعتمد عىل نوعية وكفاءة السياسات املوضوعة من حيث اتخاذ القرارات واإلجراءات املتعلقة باتخاذها. فأصبح من الواضح أن كافة البلدان -سواء املتقدمة منها أو النامية- تختلف من حيث قدرتها ورمبا رغبتها لوضع وتنفيذ سياسات تضمن تحسن األداء التنموي بها. وقد يكون من األهمية مبكان أن ننوه بأن سوء أو ضعف إجراءات وضع السياسات العامة ليس حكر ا عىل الدول النامية فقط بل تجد ذلك ىف مختلف اإلدارات الحكومية عند غياب االهتامم الشعبي ىف املراحل املختلفة لوضع تلك السياسات. وإىل جانب هذه األمور حرص هذا الدليل عىل التطرق إىل تعزيز القناعة لدى جميع األطراف املعني ة بأن التدريب عملية منهجية تقوم عىل مجموعة من القيم واملبادئ والضوابط التي أفرزها تداخل العلوم والنظريات وصقلتها تجارب ومامرسات املعاهد واملؤسسات املختصة يف مجال التدريب وبناء القدرات. وبنهاية الدورة التدريبية تكون املتدربة قادرة عىل التعرف عىل: وىف كثري من األحيان وعىل وجه الخصوص ىف البلدان النامية ومنها إقليم الرشق األوسط وشامل أفريقيا يكون غياب أو ضعف االهتامم الشعبي باملشاركة ىف وضع السياسات العامة نتيجة ملحدودية قدرته عىل املشاركة كنتيجة لنقص املعرفة واملهارات الالزمة للتعرف عىل أهم املشاكل وتحليلها ووضع بدائل للحلول واقرتاح السياسات العامة الالزمة لتقدميها ملتخذ القرار واملشاركة بفاعلية ومعرفة يف وضع السياسات ومتابعة تنفيذها والرتويج لها. هذا وتجدر اإلشارة إىل أن الهاجس األسايس الذي تحك م يف وضع هذا الدليل هو تقديم منوذج تدريبي موحد الستخدامه بكافة الدول املشاركة طبق ا لتوجهات اإلدارة اإلقليمية للربنامج كام يأخذ بعني االعتبار مبادئ وأساليب التدريب وليس من خالل أساليب تعليمية كام أنه يحدد بشكل واضح وبالتكامل مع دليل املتدربة اإلجراءات العملية املطلوبة إلنجاح املهمة التدريبية وذلك مبا يتامىش مع املنهجية الحديثة للتدريب ومن واقع اهتامم برنامج هى بتنمية وتعزيز قدرات املشاركات وتأهيلها بالقدرات واملهارات الالزمة للمشاركة بفاعلية وكفاءة ىف وضع السياسات العامة ومتابعة تنفيذها ومواكبة التحديات الحالية واملستقبلية التي تواجه مجتمعها املحيل والقومي واإلقليمي. ومن ثم تم تصميم هذا الربنامج التدريبي كمقدمة ىف تحليل ورسم السياسات العامة. وبنهاية الدورة التدريبية تكون املتدربة قادرة عىل التعرف عىل: مفاهيم التنمية املشاركة ومفهوم حقوق اإلنسان. بنية النظام السيايس. مفهوم السياسة العامة والتوجه السيايس ودورة السياسة العامة وملاذا السياسة العامة. عجز السوق عجز الحكومة الفرصة البديلة. أدوات السياسة )تحليل بيئة السياسة العامة وتحديد املشكلة وتحليل األطراف املعنية(. تحليل البدائل ومصادر التمويل وتنفيذ السياسات العامة. - السيدة / عبري حمود عبده اليمن. 9 8

6 مكونات دليل املتدربة : يتكون دليل املتدربة من ثالثة أقسام رئيسية القسم األول يتضمن املفاهيم ذات الصلة بالسياسات العامة بغرض تعريف املتدربات مبا تعنيه تلك املفاهيم وكذا لتوحيد تلك املفاهيم لدى كافة املشاركات مبا يخدم جهود وضع السياسات املحلية واإلقليمية ولذا فقد تناول هذا القسم من الدليل التعريف مبفاهيم التنمية وتنمية املجتمع ومفهوم املشاركة وأمناطها وكذا املفاهيم املختلفة لحقوق اإلنسان والتعريف بكثري من املصطلحات ذات الصلة بها وكذا التعريف بالقانون الدويل لحقوق اإلنسان والقانون الدويل اإلنساين. القسم الثاين ركز عىل التعريف بتعريفات السياسات العامة املتفق عليها دولي ا فمن حيث التعريف بالسياسات العامة: بنية النظام السيايس وما الذي تعنيه السياسة العامة والتوجه السيايس وملاذا السياسة العامة وما هي دورة السياسة العامة وما هي خصائص مشاكل السياسات العامة وما هي أنواع مشاكل السياسات العامة وما هي أولوياتها وما هو دور صانعو السياسات العامة وعمليات رسم السياسات العامة. كام تضمن هذا القسم جزء ا خاص ا بتعريفات السوق وقانون العرض والطلب ومبا له عالقة بالسياسات العامة. القسم األول - املفاهيم القسم الثالث يتضمن املفاهيم ذات الصلة بالسياسات تناول كيفية تحليل بيئة السياسات العامة من حيث التعريف باملشكلة العامة وكيفية تحليلها وتحليل أصحاب املصلحة وكذا تحليل البدائل وتقييمها واملفاضلة بني تلك البدائل واختيار أنسبها وتحديد مصادر متويلها وأساليب وعنارص عملية تنفيذ السياسات العامة وكذا التعريف بأبرز معوقات تنفيذ السياسات العامة. مفهوم التنمية: ي عرف تقرير األمم املتحدة للتنمية البرشية لعام 1997 التنمية بأنها:»عملية زيادة الخيارات املطروحة عىل الناس ومستوى ما يحققونه من رخاء وهذه الخيارات ليست نهائية أو ثابتة«. وبغض النظر عن التنمية فإن عنارصها األساسية الثالثة تشمل: القدرة عىل العيش حياة طويلة ويف صحة جيدة واكتساب املعرفة والتمتع بفرص الحصول عىل املوارد الالزمة لعيش حياة الئقة. وال تقف التنمية عند هذا الحد فالناس أيض ا ي قدرون جيد ا الحرية السياسية واالقتصادية واالجتامعية وإتاحة الفرص أمامهم لإلبداع واإلنتاج. مفهوم تنمية املجتمع : عر فت األمم املتحدة تنمية املجتمع بأنها:»العمليات التي ميكن بها توحيد جهود املواطنني والحكومة لتحسني األحوال االقتصادية واالجتامعية والثقافية يف املجتمعات ومساعدتها عىل االندماج يف املجتمع واملساهمة يف تقدمه بأقى قدر مستطاع«. مفهوم الدور: الدور:»هو مجموعة من الصفات والتوقعات املحددة اجتامعي ا واملرتبطة مبكانة معي نة«. والدور له أهمية اجتامعية ألنه يوضح أن أنشطة األفراد محكومة اجتامعي ا وتتبع مناذج سلوكية محددة فاملرأة يف أرستها تشغل مكانة اجتامعية معينة وي توقع منها القيام مبجموعة من األمناط السلوكية متثل الدور املطلوب منها. وبالنسبة للمرأة فالدور املعياري لها كامرأة وزوجة وأم أي الدور الذي يتوقعه منها املجتمع وينتظر منها القيام به يتفق اتفاق ا كبري ا مع دورها الفعيل إن مل يتطابق معه. مفهوم الدور االجتامعي للمرأة:»هو األنشطة التي تقوم بها املرأة يف نطاق أرستها وخاصة فيام يتعلق برتبية أبنائها وعالقة أرستها بغريها من األرس األخرى خالل عملية نشاطها اليومي واالجتامعي«. مفهوم الدور الثقايف للمرأة: هو قدرة املرأة عىل تقييم ما تتلقاه من معارف ومعلومات من وسائل اإلعالم املختلفة مبا يدعم دورها يف معايشة قضايا العرص واالنفتاح عىل العامل الخارجي. ويلعب التعليم دور ا هام ا يف هذا املجال فكلام نالت املرأة قسط ا أكرب من التعليم كلام كانت أكر فهام وإدراك ا ومقاومة لإليحاءات والتأثريات السلبية التي قد ينقلها االتصال بالعامل الخارجي. عىل الرغم من وجود تباين يف البنى األساسية االقتصادية والثقافية والسياسية لبلدان العامل اإلسالمي إال أن الدين اإلسالمي هو دين الغالبية العظمى لسكان هذه البلدان. وملا كان الدين اإلسالمى أكر تقدم ا من أي دين آخر بالنسبة ملشاركة املرأة يف املجتمع ألنه أعطى صورة متكاملة عن دور املرأة ومكانتها يف املجتمع حيث إن القرآن والحديث والتفسري واالجتهادات املختلفة تعطي املرأة مكانة خاصة ت رتجم عملي ا إىل أعراف ترشيعية متيل عليها حقوقها وواجباتها سواء كانت ابنة أم زوجة أم أم ا فإننا نفرتض وجود تطابق إىل حد ما يف األوضاع يف هذه البلدان ولذلك تم اختيار بعض دول العامل اإلسالمي كعينة مختارة ممثلة لباقي الدول لنتعرف عىل أدوار املرأة يف تنمية هذه املجتمعات. وحينام ننظر إىل الدور الذي تقوم به املرأة يف التنمية ال بد أن ننظر إليه يف إطار التنمية الشاملة بكل أبعادها االقتصادية واالجتامعية والثقافية والسياسية ويف إطار التنمية املستهدفة القامئة عىل األصالة والتجديد الحضاري. وتجزئة الدور يف هذا الفصل إىل عدة أدوار هو بغرض التوضيح وتفسري إىل أي مدى تستطيع املرأة أن تشارك وتساهم بفعالية يف التنمية وما العوامل التي تؤثر يف معدالت إسهام املرأة يف التنمية يف ظل املتغريات والتطورات التي طرأت عىل هذه املجتمعات. وما العوامل التي تواجه املرأة للقيام بهذه األدوار وتعوق اندماجها والتزامها باملشاركة الحضارية الكاملة يف صناعة الحياة بكل أبعادها بدء ا من حقها الطبيعى يف حرية الحركة واالنتقال إىل ذروة التأثري يف صنع القرار واإلسهام يف تحديد املسار

7 تؤكد اآلراء الحديثة الواردة يف أدبيات التنمية عىل أن نجاح برامج التنمية وضامن استدامتها وقدرة املجتمعات عىل مواجهة التغريات العاملية والتواؤم معها مرهون مبشاركة العنرص البرشي وحسن إعداده وطبيعة تأهيله. وتعترب املرأة العربية عنرص ا مهام يف عملية التنمية. وإذا ما أريد لهذا العنرص أن يكون فعاال فال بد من أن تتوافر للمرأة معطيات أساسية متكنها من املساهمة اإليجابية يف حركة التنمية وتوجيهها. ويأيت يف مقدمة هذه املعطيات اإلنتاج االقتصادي الذي يضعها يف موضع القوة ويجعلها قادرة عىل خدمة مجتمعها. ويعترب عمل املرأة يف املؤسسات الخريية املتاحة تدعيام لقدرتها االقتصادية كام يعطي مؤرش ا واضح ا عىل تفهم املرأة لدورها يف بناء املجتمع وقدرتها عىل املشاركة الحقيقية يف التنمية خاصة إذا ما أدركنا أن دورها يف هذه املؤسسات يف تطور مستمر نظر ا ملا وصلت إليها املرأة من قدرة عىل األداء. وفيام ييل نعرض باختصار الدور املتغري الذي تلعبه املرأة: بالنسبة ملشاركتها يف التنمية مفهوم املشاركة: الدور املتغري الذي تلعبه املرأة بالنسبة ملشاركتها يف املنظامت غري الحكومية بالنسبة ملشاركتها يف العمل التطوعي مشرية اىل دورها يف امل وسسات املتاحة بشكل عام ميكن تعريف مفهوم املشاركة أنها عملية إسهام األفراد بإرادتهم ىف أعامل تهم الجامعة وتزيد من امكانياتها ىف صنع واستغالل الفرص التي من شأنها أن تؤدى إىل تنمية ظروفهم املعيشية ووضعهم املجتمعي )مفاهييم تنموية 2010 م(. أول : بالنسبة ملشاركة املرأة في التنمية: يتصل مفهوم املشاركة مبفهومي التنمية والتمكني اتصاال وثيق ا فلقد أضحى من املسلم به أن تنمية حقيقية يستحيل إنجازها عىل أي صعيد دون مشاركة الناس بقطاعاتهم املختلفة وفئاتهم وطبقاتهم ورشائحهم االجتامعية يف صنعها من ناحية ويف جني مثارها من ناحية أخرى. إن درجة املشاركة ونطاقها تحدد إىل درجة كبرية توزيع القوة power يف املجتمع مبعنى القدرة عىل إحداث تأثري يف اآلخر الذي قد يكون فرد ا أو جامعة أو مجتمع ا بأكمله إىل املدى الذي نستطيع أن نقول فيه أن املشاركة والتمكني Empowerment هام وجهان لعملة واحدة. أي أن املشاركة ال تستهدف فقط تنمية املجتمع وصنع مستقبله بل تستهدف أيض ا تنمية الذات املشاركة وتطوير قدراتها وإمكاناتها ووجودها الفاعل واملؤثر يف الحياة االجتامعية عىل أصعدتها املختلفة. ومن هنا فإن درجة مشاركة النساء يف الجوانب املختلفة للواقع االجتامعي تقف كمؤرش أسايس عىل وضع املرأة ومشكالتها ومكانتها وقوتها ومتكنها يف املجتمع. ورغم حداثة مفهوم املشاركة النسائية وارتباطه بتطورات حديثة يف الحركة االجتامعية بصورة عامة والحركة النسائية بصفة خاصة فان مثة أشكاال من املشاركة التقليدية للنساء -وبصفة خاصة يف مجتمعنا العريب- ال ينبغي تجاهلها بل إن أي دعوة ملشاركة املرأة العربية مرهون نجاحها -يف تصوري- باستلهامها وارتباطها بأشكال املشاركة التقليدية املتجذرة يف ثقافتنا مع إفادتها يف الوقت ذاته باملدلوالت الحديثة ملفهوم املشاركة. تكتسب )املشاركة( إذن أهميتها وداللتها بالنسبة للمرأة وقضاياها من حيث كونها آلية أساسية لتنمية الذات )املرأة ذاتها( وتنمية املوضوع )املجتمع والواقع االجتامعي( وهام ب عدان يرتبطان ارتباط ا جدلي ا فالذات أو الشخصية املتفتحة القوية واملزدهرة والفاعلة هي القادرة عىل تحقيق النمو االجتامعي واالقتصادي والسيايس كام أن النمو االجتامعي بدوره ميكن أن يقاس مبدى الفرص التي يتيحها لتحقيق مشاركة القطاعات املختلفة وتفتحها وازدهارها وفاعليتها. حول مفهوم التمكني أو البحث عن تحقيق القوة : Empowerment تشرتط عملية املشاركة بصفة عامة درجة معينة من القوة أو التمكني إذ إن املشارك يف الحياة اليومية هو فاعل لديه القدرة عىل الفعل واالختيار وتحقيق األوضاع واألهداف التي يرغبها ومن ثم فإن املشاركة الحقيقية تعني وتفرتض درجة الفاعلية ورشوط تحققها وقدرة اإلنسان )املرأة هنا( عىل تحقيق إرادتها وتطلعاتها عىل الصعيد االجتامعي عىل أساس أن السعي نحو القوة عنرص كامن يف الفعل االجتامعي وهو مصدر أسايس ملقاومة التنظيامت واملؤسسات االجتامعية الضاغطة. ويرتبط مفهوم التمكني يف التحليالت السيسيولوجية الحديثة مبفهومني آخرين تحقيق الذات أو حضور الذات وهو املفهوم الذي يشري إىل الوعي واملعرفة والخربة أو القابلية المتالك تلك العنارص الرضورية للمشاركة ومقاومة الضغوط االجتامعية. إن املشاركة بهذا املعنى تشري إىل مدى القدرة عىل الفعل وصنع الظروف ومقاومة الضغوط وصوال إىل تحقيق الذات وتحقيق القوة أو التمكني إزاء الظروف ذاتها. ونستطيع أن نقول يف هذا الصدد إن املرأة عامة واملرأة العربية بصفة خاصة ما تزال تستشعر الكثري من الضغوط املؤسسية االجتامعية التي تعوق مشاركتها. إن مفهوم التمكني هنا يشري إىل كل ما شأنه أن يطور مشاركة املرأة وينمي من قدرتها ووعيها ومعرفتها ومن ثم تحقيق 13 12

8 15 14 ذاتها عىل مختلف األصعدة املادية والسيكولوجية واالجتامعية والسياسية ويتيح لديها كافة القدرات واإلمكانات التي تجعلها قادرة عىل السيطرة عىل ظروفها ووضعها ومن ثم اإلسهام الحر والواعي يف بناء املجتمع عىل كافة أصعدته. أمناط املشاركة: التفعيل الذايت يشارك أفراد املجتمع بالقيام مببادرات دون االعتامد عىل مؤسسات خارجية لتغيري النظام حيث يقومون بعمل اتصاالت مع مؤسسات خارجية من أجل املوارد والعون الفني الذي يحتاجونه مع االحتفاظ بالتحكم ىف استخدام هذه املوارد. مبادرات التفعيل الذايت والعمل الجامعي قد تتصدى للتوزيع غري العادل للقوة والروة وقد ال تتصدى له. املشاركة التفاعلية يساهم أفراد املجتمع ىف التحليل املشرتك للبيانات األمر الذى يؤدي إىل وضع خطط عمل وتكوين مؤسسات محلية جديدة أو تقوية املؤسسات املوجودة هذا النمط من املشاركة مييل إىل استخدام أساليب تعلم متبادل تنشد تعدد وجهات النظر وتستفيد من عمليات التعلم املنتظمة. هذه املؤسسات أو املجموعات املحلية تتحكم ىف القرارات املحلية مام ميكن أفراد املجتمع من املساهمة ىف املحافظة عىل هذه املؤسسات أو األنشطة. املشاركة الوظيفية يساهم أفراد املجتمع بتكوين مجموعات لتحقيق أهداف مرشوع تم تحديدها بشكل مسبق بواسطة أشخاص خارجيني وهذه املشاركة قد تشمل تطوير أو ترقية مؤسسة اجتامعية نشأت مببادرة من خارج املجتمع. هذا النمط من املشاركة ال يتم عادة ىف املراحل األوىل من دورة حياة املرشوع كالتخطيط ولكن بعد أن يتم اتخاذ كل القرارات الهامة واألساسية. ومتيل مثل هذه املؤسسات إىل االعتامد عىل الجهة التى بادرت بإنشائها ولكن رمبا تعتمد عىل نفسها كذلك. املشاركة مقابل حافز يساهم أفراد املجتمع بتوفري املوارد كالعاملة مثال مقابل الغذاء أو النقود أو أي حوافز أخرى. ومن الشائع جد ا تسمية هذا النمط من العالقات ب)املشاركة( لكن ال يكون أفراد املجتمع معنيني مبواصلة النشاط عندما يتوقف الحافز. املشاركة باالستشارة يشارك أفراد املجتمع باستشارتهم حيث يستمع األشخاص الخارجيني إىل وجهات نظرهم ثم يقوم األشخاص الخارجيني بتحديد املشكالت والحلول وقد يتم تعديلها بناء عىل استجابة أفراد املجتمع. هذا النوع من االستشارة ال مينح أي قدر من املشاركة ىف اتخاذ القرار وهؤالء املختصون الخارجون ال يلتزمون بوضع وجهات نظر أفراد املجتمع ىف االعتبار عند التنفيذ. املشاركة ىف تقديم معلومات يشارك أفراد املجتمع باإلجابة عىل األسئلة التى يوجهها لهم الباحثون واملصممة ىف شكل استبيان. وال تتاح الفرصة لهم ىف التأثري عىل سري عمليات البحث عالوة عىل عدم اطالعهم عىل نتائج البحث والتي ال يتم طرحها لهم للتنقيح والتأكد من صحتها ودقتها. املشاركة السلبية حيث يشارك أفراد املجتمع فقط بإخطارهم مبا سيتم عمله أو ما تم عمله فعال أي إخطار من جانب واحد بواسطة إدارة املرشوع دون معرفة أو االستامع إىل استجابة أفراد املجتمع. واملعلومات التى يتم إخطار أفراد املجتمع بها هي ما توصل إليه املختصون من خارج املجتمع املعني. ثاني ا: مشاركة املرأة يف التنظيامت غري الحكومية: املنظامت األهلية غري الحكومية: من املسلم به أن دور املرأة ومشاركتها يف التنظيامت األهلية ال ينفصل عن وضعها يف املجتمع بصورة عامة وهو الوضع الذي سيتحدد بدوره مبدى تطور البنى االجتامعية واالقتصادية والسياسية والثقافية. إن العالقة بينهام عالقة جدلية وتفاعلية فمن املستحيل أن تتطور أدوار املرأة وتتحرر وتصبح رشيك ا كامال يف املجتمع إال إذا سمحت مرحلة تطور البنى االجتامعية والسياسية يف هذا املجتمع بذلك وهي بدورها تتأثر يف تطورها بدرجة تحرر املرأة وتفاعلها مع حركة املجتمع. ويتمثل النشاط األهيل للنساء يف أمناط متعددة من أقدمها وأكرها شيوع ا الجمعيات الخريية النسائية وهي الجمعيات التي ترتبط بالفلسفة التقليدية للرب واإلحسان وتحاول بالتايل ترميم وإصالح العيوب ومعالجة املشكالت من موقف إصالحي هي أكر أصناف الجمعيات رواج ا وعراقة. وهي تارة جمعيات خريية )مختلطة( تساهم فيها نساء وتارة أخرى جمعيات خريية نسائية رصفة ال تعمل فيها إال نساء. ليس لدينا طوبوغرافية تفصيلية عن عمل هذه الجمعيات يف أرجاء الوطن العريب كافة ال ميكننا الزعم بأن هذا النمط من النشاط -رغم فضيلته يف اإلحسان- يعرب عن أزمة تنمية أكر مام يحاول املساهمة يف حل بعض معضالتها وحجتنا يف ذلك أنه يحاور النتائج -العوز- غري طارح وسائل الوقاية منه. فضال عن ذلك هنالك ظاهرة مل نتأكد من درجة تعميمها لكنها جديرة بااللتفات: هي ظاهرة الجمعيات النسائية الخريية التي تحاول وراء ستار املساعدة والتقدميات املختلفة أن تثبت أيديولوجيا )وأحيانا أفكارا سياسية معينة( هي غري ما تعلنه عىل املأ. وهناك جمعيات واتحادات نسائية مرتبطة بأحزاب يف السلطة أو خارجها فإن كانت هذه األحزاب خارج السلطة فأنها قد ترتبط بالحركة الوطنية وتربط نظرتها للمرأة مبوقفها األيديولوجي أما تلك املنظامت التابعة ألحزاب يف السلطة فهي تتحرك يف إطار الحزب وتتسم بدرجة عالية من البريوقراطية. وتشري البيانات واإلحصاءات املتوافرة عىل الصعيد العريب إىل ضعف املشاركة النسائية بصورة عامة يف التنظيامت والجمعيات األهلية فضال عن ضعفها يف العمل النقايب وتواجد املرأة أساس ا عىل املستويات القاعدية دون القيادية وبالتايل ابتعادها عن مواقع صنع القرار. كام تأيت هذه املشاركة يف هذه التنظيامت من فئات وطبقات اجتامعية معينة ممن ميلكن الوقت واملال وكذلك من فئات عمرية متأخرة نسبي ا بعد سن األربعني غالب ا حتى ال يكون هناك أطفال يف حاجة إىل الرعاية كام تتسم هذه التنظيامت يف الغالب بالطابع الحرضي فتستوعب نساء الحرض مام يعني تهميش قطاعات ومناطق وأجيال وطبقات اجتامعية عن املشاركة يف العمل األهيل النسايئ العريب ويؤدي ذلك حتام إىل صياغة مضمون النشاط األهيل يف إطار أنساق فكرية وثقافية وقيمية ال متثل الغالبية العظمى من النساء العربيات. ثالث ا: الدور املتغري للمنظامت غري الحكومية يف تنفيذ القضايا املشرتكة: إن التطور يف مهام املنظامت غري الحكومية ينعكس عىل تغيري أهدافها وتوسع أنشطتها والتي تتمثل أوال يف الدعوة والدفاع واملنارصة ومساندة املصالح العامة يف املجتمعات املحلية التي تقوم بها لتحسني األوضاع االجتامعية واالقتصادية من خالل محاوالت التأثري عىل السياسات العامة وثاني ا يف محاولة التأثري عىل الرأي العام يف املجتمع. وهذا االتجاه الجديد الذي تتصف به بعض املنظامت غري الحكومية يف األقطار العربية هو من أبرز املؤرشات اإليجابية لتطور املجتمع املدين العريب نحو التنمية االجتامعية املستدامة. )اللجنة االقتصادية واالجتامعية لغرب آسيا 2000 م ص 21 (

9 رابع ا: مشاركة املرأة يف العمل التطوعي: حيث ظهرت بدايات العمل التطوعي يف العامل العريب يف القرن التاسع عرش واستمر بوتائر مختلفة حسب الظروف االجتامعية واالقتصادية والسياسية لكل دولة من الدول العربية وكان له اسهامات كبرية يف تقديم العون واملساعدات للفئات االجتامعية املحرومة. ويعترب البعد الثقايف القيمي عامال مهام يف العمل التطوعي ملا للمنظومة الثقافية والقيمية من تأثري عىل الدوافع واألسباب التي يحملها األفراد وال شك أن املوروث الثقايف العريب اإلسالمي واملسيحي يحتوي عىل العديد من القيم االجتامعية والثقافية اإليجابية كالتعاون والتكافل والزكاة والرب واإلحسان وغريها من القيم التي تحفز املواطن عىل التفاين من أجل الغري. )محمد عبد الحق اإلعالم والعمل التطوعي 2001 ( كذلك األمر بالنسبة للصحة فقد لعب العمل التطوعي دور ا مهام يف القضاء عىل األمراض والحيلولة دون انتشارها وتفاقمها وذلك من خالل حركة بناء املستشفيات ودراسة الطب واإلنفاق عليه من موارد األوقاف الخريية ومن خالل التوعية والتثقيف الصحي. )صالح األحمد أهمية العمل التطوعي( من هنا تأيت أهمية العمل التطوعي كونه أحد أفضل السبل - بل أهمها- التي ت سلك يف عملية تحسني األحوال املعيشية وإيجاد حياة أفضل ألفراد املجتمع وكام نعرف فإن العمل التطوعي ال ينمو وال يزدهر إال يف وجود أرضية خصبة وذلك هو اإلميان بالله واليوم اآلخر وبالجزاء يوم القيامة وإن ربط العمل التطوعي يف كل جوانبه بالعبادة يعترب أمر ا مهام لتطوره وتقدمه حتى يلعب دوره املنشود بصورة ترىض مقدم املال له ويف الوقت نفسه تحفظ وتصون كرامة متلقي الخدمة التطوعية. وتختلف هذه املصادر اختالف ا كبري ا من ناحية حجم التمويل املقدم للعمل التطوعي وذلك حسب طبيعته فالدول الغنية مثل السعودية والكويت يعترب متويلها أكرب من متويل األفراد. كام ميكن تقسيم مصادر متويل العمل التطوعي إىل )مصادر ذاتية( و)مصادر خارجية( حسب الجهة التي يأيت منها التمويل وذلك كام ييل: ميكن تقسيم مصادر متويل العمل التطوعي ايل : أن التمويل يتم الحصول عليه من داخل املنظم سواء من األعضاء أو من الربامج. ويتميز هذا النوع بإتاحة فرصة ملشاركة املرأة وأن تكون عضو ا فع اال يف هذا النوع من التمويل أن التمويل يتم جمعه من مصادر خارج املنظمة التطوعية سواء كان من أفراد أم من حكومات أم من جامعات مصادر ذاتية مصادر خارجية وميكن التمييز بني شكلني أساسني من أشكال العمل التطوعي: العمل التطوعي الفردي هو عمل او سلوك اجتامعي ميارسه الفرد من تلقاء نفسه وبرغبة منه و ارادة وال يبغي منه اي مردود مادي ويقوم عىل اعتبارات اخالقية او اجتامعية او انسانية او دينية ففي مجال محو االميه مثال - قد يقوم فرد بتعليم مجموعة من االفراد القراءة والكتابة ممن يعرفهم او يتربع باملال لجمعية ت عنى بتعليم االميني. العمل التطوعي املؤسيس هو اكر تقد ما من العمل التطوعي الفردي و اكر تنظيام و اوسع ت اثري ا يف املجتمع. ويف الوطن العريب توجد م وسسات متعددة وجمعيات اهلية تساهم يف اعامل تطوعية كبرية لخدمة املجتمع. ومتثل هذه املصادر جزء ا كبري ا يف متويل العمل التطوعي وميكن للمرأة املشاركة يف إدارة هذه املوارد خاصة مع ما متتلك من املهارات اإلدارية والقدرة عىل التخطيط كام ميكن أن تلعب دور ا بارز ا يف تطوير هذه املوارد عن طريق تشغيل هذه األموال واستثامرها إذ إن التخطيط اإلمنايئ الفعال والتوجيه السليم لالستثامرات ال يتحققان بغري املشاركة الكاملة لقطاع األعامل مع القطاع الحكومي من قبل املرأة. كام أن أداء هذه األدوار من قبل املرأة يف املؤسسات املتاحة واملستفيدة يعمق من خربات النساء العامالت ويطور قدراتهن اإلبداعية واالبتكارية ويكسبهن العديد من املهارات ويزيد من نطاق تفاعلهن أي أن مشاركة املرأة بالعمل يف الجهات املانحة واملتلقية سيساعد عىل حل بعض املشكالت االجتامعية واالقتصادية الناجمة عن التغريات العاملية واملحلية يف املجتمعات العربية وعىل رأسها مشكلة البطالة والفقر وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية باإلضافة إىل أنها ستكون قادرة عىل تفهم مشاكل العديد من النساء مام سيتيح لها املساهمة يف تحسني الخصائص املختلفة لقطاع عريض من النساء يف املجتمعات العربية ومنها الخصائص التعليمية األمية واالقتصادية واألرسية والصحية. ومع هذا فإن العمل التطوعي ال بد أن يتسم بسمتني رئيسيتني وهام: أن يدفع صاحب املال ماله لتمويل العمل التطوعي طواعية ودون إكراه حتى يكون ذلك متامشي ا مع طبقة العمل التطوعي التطوعية اإلدارية. السمة الثانية ال بد ملمول العمل التطوعي أن يقدم هذا املال بهدف دعم العمل التطوعي وأن ال يكون له أهداف أخرى. ونود أن نشري هنا إىل بروز وتزايد الدور الذي تقوم به املنظامت النسائية يف التوعية واالرتقاء بالوعي االجتامعي لدور الجهات املانحة واملستفيدة إىل جانب العمل عىل تحسني الخصائص املختلفة ألفراد املجتمع والتصدي للمشكالت التي يعاين منها هؤالء األفراد عامة واملرأة خاصة وال شك أن فاعلية أداء هذه املؤسسات ألدوارها يرتبط بقوة بنائها وكفاءة قدرتها التنظيمية واإلدارية عامة وتوافر الدعم املايل الالزم لتنفيذ برامجها الخاصة وهنا ميكن للنساء العامالت واملساهامت يف الجهات املانحة واملستفيدة تعميق دور )الرشاكة( مع هذه املنظامت ملسانداتها يف أداء األدوار من خالل الدعم املايل وتنفيذ الربامج التدريبية املختلفة وتشجيع العمل التطوعي وتوطيد أوارص التعاون واللقاءات االجتامعية لتدارس وتحليل العديد من املشكالت االجتامعية التي تعاين منها املرأة وإيجاد الحلول لها

10 ويف الحقيقة توجد عدة أسباب تدعو إىل إرشاك املرأة إرشاك ا كامال يف صنع القرار االقتصادي يف املؤسسات املانحة واملتلقية: فللمرأة نفس الحقوق يف ذلك االشرتاك وينبغي أن تتساوى املرأة مع الرجل يف القدرة عىل الوصول إىل املهارات واملكاسب والوظائف الالزمة لبلوغ مستويات اتخاذ القرار يف املؤسسات والجهات املانحة واملتلقية. كام أن للمرأة مهارات تناسب العمل التطوعي وتتناسب بشكل خاص مع مبادئ اإلدارة العرصية إذ اكتسبت املرأة العديد من تلك املهارات من واقع خربتها يف إدارة مواردها الشحيحة ووقتها الضيق وخالل قيامها مبسؤولياتها املتعددة وتوفري الرعاية والقيام بالعمل دون أجر داخل األرسة وهذه القدرة عىل القيام بعدة مهام يف نفس الوقت مثينة جد ا وميكن استثامرها من خالل مساهمة املرأة يف مؤسسات العمل التطوعي كام يدفع ذلك إىل زيادة نسبة متثيل املرأة يف الهيئات املانحة واملتلقية ألعامل الرب والخري حيث سيتيح ذلك للمرأة القيام بدور حيوي خاصة يف إيصال العديد من الخدمات التي تلبي احتياجات املرأة كام تقوم املنظامت النسائية بدور أسايس يف تفعيل مشاركة املرأة مع هذه الجهات خاصة من ناحية تأهيل وتدريب املرأة عىل املهارات املهنية والفنية التي تطلبها أنظمة العمل يف هذه املؤسسات وبإمكان هذه املنظامت أيض ا أن تأخذ يف اعتبارها الدور الذي تقوم به املرأة يف منظمة املشاريع وتتضمن الربامج الناجحة يف دعم النساء منظامت املشاريع خاصة بالنسبة للتمويل واملساعدة التقنية واملعلومات والتدريب وإسداء املشورة. مفهوم حقوق األنسان: مفهوم حقوق اإلنسان ليس له تعريف محدد متفق عليه بل هناك العديد من التعريفات التي قد يختلف مفهومها من مجتمع آلخر أو من ثقافة ألخرى وبصفه عامة فإن حقوق اإلنسان هي الحقوق والحريات املستحقة لكل شخص ملجرد كونه إنسان ا. وبإقرار تلك الحريات فإن املرء يستطيع أن يتمتع باألمن واألمان ويصبح قادر ا عىل اتخاذ القرارات التي تنظم حياته. وىف إطار الحديث عن مفهوم حقوق االنسان فإنه ملن املفيد اإلشارة إىل عدد من املصطلحات واملفاهيم املستخدمة يف هذا املجال. وهذه املصطلحات واملفاهيم تشكل ركن ا أساسي ا يف دراسة القانون الدويل لحقوق اإلنسان وذلك كام سيتضح فيام ييل: إعالن: مجموعة أفكار ومبادئ عامة ال تتمتع بالصفة االلتزامية وله قيمة أدبية ومعنوية وتتمتع بالثقل السيايس واألخالقي إذا ما صدرت عن هيئة دولية مثل الجمعية العامة لأمم املتحدة. واإلعالن يعد من قبيل الع رف الدويل. واإلعالن غالب ا ما يصدر يف ظروف نادرة حينام ينص عىل مبادئ ذات أهمية كربى وقيمة دامئة كام هو الحال بالنسبة لإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان. معاهدة: ت طلق عادة عىل االتفاق الدويل الذي يتناول بالتنظيم القانوين موضوع ا ذا أهمية خاصة وذا طابع سيايس مثل معاهدة السالم املنعقدة بفرساي يف 28 يونيه 1919 بني الدول املتحالفة أملانيا ومعاهدة الصداقة والتحالف بني اململكة املتحدة واململكة املرصية يف 26 أغسطس اتفاقية: اصطالح يطلق عىل االتفاق الدويل وي قصد به وضع قواعد قانونية ملز مة ألطرافها. اتفاقية عقدية: تكون ثنائية بني دولتني ويكون موضوعها وضع معني أو مسألة معينة تهم الدول األطراف بحيث تضع لها االتفاقية تنظيام أو حال معين ا ويكون الهدف منها مجرد خلق التزامات عىل عاتق أطرافها بالتطبيق للقواعد األولية القامئة بينهم. اتفاقية شارعة: تكون متعددة األطراف ويكون موضوعها إنشاء قواعد دولية موضوعية أو خلق قواعد قانونية وليس مجرد التزامات متقابلة للدول فإن إرادة أطراف االتفاق الدويل تكون واحدة وذلك راجع إىل وحدة موضوعها وقيمة القواعد القانونية التي أنشأتها االتفاقية ويهدف أطرافها من وراء إبرامها إىل سن قواعد دولية جديدة تنظم العالقات بينهم. والغالب أن تكون االتفاقيات الدولية متعددة األطراف أو جامعية وهي اتفاقيات دولية شارعة مثل اتفاقيات حقوق اإلنسان وميثاق األمم املتحدة. عهد: اتفاق دويل مرادف الصطالح اتفاقية ورد مرتني يف سياق املواثيق الدولية لحقوق اإلنسان: )العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية 1966 والعهد الدويل الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتامعية والثقافية 1966(. ميثاق: اصطالح يطلق عىل االتفاقيات الدولية التي يراد إضفاء الجالل عىل موضوعها وعادة ما تكون منشأة ملنظامت دولية أو إقليمية مثل ميثاق األمم املتحدة املوقع يف 26 يونيه نظام: اصطالح يطلق عىل املعاهدات الجامعية ذات الصيغة اإلنشائية مثل النظام األسايس للمحكمة الجنائية الدولية املوقع عليه يف روما يف يونيه عام اتفاق: يستعمل لتنظيم املسائل ذات الصبغة السياسية أو لتنظيم املسائل التي تغلب عليها الصبغة االقتصادية. ترصيح: يطلق عادة عىل االتفاقات التي يكون موضوعها تأكيد مبادئ قانونية وسياسية مشرتكة مثل ترصيح نوفمرب 1815 بشأن وضع سويرسا يف حالة حياد دائم. بروتوكول: إجراء قانوين يستعمل كوسيلة تكميلية لتسجيل توافق إرادات الدول عىل مسائل تبعية ملا سبق االتفاق عليه يف االتفاقية املنعقدة بينهم وقد يتناول تسجيل ما حدث يف املؤمترات الدولية. والربوتوكول يستمد قوته القانونية من االتفاقية امللحق بها ويخضع لجميع املراحل التي متر بها االتفاقية من: مفاوضة وتحرير وصياغة وتوقيع وتصديق. توقيع: إجراء يقوم به املندوبون املفوضون للدول املتعاقدة للتعبري عن ارتضاء الدولة عىل نصوص االتفاقية. والتوقيع يكون باألحرف األوىل إلعطاء فرصة للمندوبني الرجوع إىل دولهم والتعرف عىل رغبتها فيام تم االتفاق عليه فإن أيدت موقفهم تم التوقيع النهايئ وإن رفضت الحكومات اعتامد التوقيع عدل عن التوقيع النهايئ. والتوقيع باألحرف األوىل ال يعد ملزم ا وليس هناك ما يجرب املندوبني عىل التوقيع النهايئ أي أن كل يحتفظ بالحرية املطلقة يف التوقيع النهايئ أو االمتناع عنه. تصديق: إجراء يقصد به الحصول عىل إقرارات السلطات املختصة يف الدول لالتفاقية التي تم التوقيع عليها. وتختلف طبيعة هذه السلطات حسب القانون الدستوري يف كل دولة ففي مرص والعديد من الدول العربية ت حدد هذه السلطات يف مجلس الشعب وىف فرنسا نجدها ممثلة يف رئيس الجمهورية. وبإجراء التصديق تكون الدولة قد قبلت رسمي ا باالتفاقية ونفاذها يف إقليمها. وال يوجد أجل معني إلجراء التصديق قبل انقضائه إال إذا حدد مثل هذا األجل رصاحة يف االتفاقية. انضامم: إجراء متلك مبقتضاه دولة ليست طرف ا يف اتفاقية أن تعرب عن رغبتها يف أن تصبح طرف ا يف هذه االتفاقية وعىل الدولة أن تراعي يف هذه الحالة اإلجراءات املنصوص عليها يف االتفاقية بشأن االنضامم إليها

11 تحفظ : يقصد به إعالن من جانب الدولة استبعاد أو تعديل األثر القانوين ألحكام معينة يف االتفاقية من حيث رسيانها عىل هذه الدولة أي أن الدولة تطلب استثناء مادة معينة يف االتفاقية من التطبيق. والتحفظ يكون باالستبعاد أو بالتفسري والتحفظ يكون مقبوال إال يف الحاالت التالية:- ( أ ) إذا كان التحفظ محظور ا يف االتفاقية. )ب( إذا كانت االتفاقية تجيز تحفظات معينة ليس من بينها ذلك التحفظ. )ج( إذا كان التحفظ مخالف ا ملوضوع االتفاقية أو الغرض منها. االنسحاب من االتفاقيات: يجوز االنسحاب من االتفاقية إذا كانت االتفاقية تنظم ذلك وال ي نتج االنسحاب آثاره إال بعد مرور عام من تاريخ تقديم طلب االنسحاب. بدء نفاذ االتفاقية: يبدأ نفاذ االتفاقية باكتامل النصاب لعدد الدول املصدقة عىل االتفاقية وعدد الدول أو النصاب القانوين أمر نسبى يختلف من اتفاقية ألخرى فمثال النظام األسايس للمحكمة الجنائية 1998 يشرتط تصديق 60 دولة والعهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية 1966 يشرتط تصديق 35 دولة. واتفاقية حقوق الطفل يشرتط تصديق 20 دولة. القانون الدويل لحقوق اإلنسان: فرع من فروع القانون الدويل العام ويتكون من مجموعة القواعد واملبادئ القانونية املكتوبة والعرفية التي تكفل احرتام حقوق وحريات اإلنسان وازدهاره وتهدف إىل حامية حقوق الفرد املدنية والسياسية واالقتصادية واالجتامعية والثقافية وتكفل حامية الحقوق الجامعية وضامن حقوق الشعب. ومصادره تتمثل يف املعاهدات والعرف واملبادئ العامة للقانون والفقه والقضاء الدويل والوطنية وقرارات املنظامت واملؤمترات الدولية. القانون الدويل اإلنساين: فرع من فروع القانون الدويل العام يتكون من مجموعة القواعد القانونية املكتوبة والعرفية التي تنطبق يف زمن النزاعات املسلحة الدولية وغري الدولية وتهدف قواعده إىل حامية األشخاص املترضرين من النزاع املسلح وكذلك حامية األموال واألعيان التي ليست لها عالقة مبارشة بالعمليات العسكرية وهو ما يعرف بقانون جنيف )اتفاقية جنيف 1864 اتفاقية جنيف 1906 اتفاقية جنيف 1929 اتفاقية جنيف الصادرة يف أغسطس 1949 وبرتوكوالها الالحقان لعام.)1977 اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان: هي لجنة مشكلة مبوجب املادة 28 من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية عام 1966 وتتكون من 18 خبري ا مستقال ترشحهم وتنتخبهم الدول األطراف يف العهد عن طرق االقرتاع الرسي ويعملون بصفتهم الشخصية ملدة أربع سنوات وتعقد اللجنة ثالث اجتامعات سنوي ا وترفع تقريرها إىل الجمعية العامة. لجنة حقوق اإلنسان: تم إلغاؤها واختتمت أعاملها يف 2006/6/16 وحل محلها املجلس الدويل لحقوق اإلنسان ولكنها أسست طبق ا للامدة 68 من ميثاق األمم املتحدة التي تنص عىل:»أن ينشأ املجلس االقتصادي واالجتامعي لجان ا للشئون االقتصادية واالجتامعية لتعزيز حقوق اإلنسان كام ينشأ غري ذلك من اللجان التي قد يحتاج إليها لتأدية وظيفته«. املفوضية السامية لحقوق اإلنسان: وظيفة مفوض األمم املتحدة السامي لحقوق اإلنسان أنشأت بقرار الجمعية العامة لأمم املتحدة يف الدورة 48 بتاريخ 20 ديسمرب 1993 وذلك تلبية ملطالب وتوصيات املنظامت غري الحكومية وآخرها التوصية الصادرة عام 1993 عن املؤمتر الدويل لحقوق اإلنسان يف فيينا. ويختص جهاز املفوضية السامية لحقوق اإلنسان باألنشطة اآلتية: أ( اإلرشاف عىل نشاطات األمم املتحدة يف مجال حقوق اإلنسان وتنسيق برامج األمم املتحدة للتثقيف واإلعالم يف ميدان حقوق اإلنسان ونقل املعلومات والتقارير والدراسات والبيانات والرسائل إىل هيئات األمم املتحدة املعنية بحقوق اإلنسان. ب( تعزيز وحامية حقوق اإلنسان ومتابعة بعثات تقي الحقائق والتدخل يف الحاالت الطارئة التي تستدعي إجراءات وقائية ومتابعة لجان التحقيق وتنفيذ التوصيات املقدمة من املقررين الخاصني واألفرقة العاملة. ت( توفري املساعدات التقنية واملالية والخدمات االستشارية يف ميدان حقوق اإلنسان. ث( إجراء حوار مع الحكومات واملنظامت الدولية واإلقليمية واملنظامت غري الحكومية بهدف ضامن احرتام حقوق اإلنسان. ويرأس املفوضية مفوض سامي بدرجة نائب سكرتري عام وي عني من قبل األمني العام لأمم املتحدة ملدة أربع سنوات. املنظامت غري الحكومية ذات املركز االستشاري باألمم املتحدة: تنص املادة 71 من ميثاق األمم املتحدة عىل:»للمجلس االقتصادي واالجتامعي أن يجرى الرتتيبات املناسبة والتشاور من املنظامت غري الحكومية«وىف 23 مايو 1968 أصدر املجلس االقتصادي واالجتامعي القرار 1269 )د- 24 ( وحدد فيه معايري منح الصفة االستشارية للمنظامت غري الحكومية: 1( أن تكون أهداف ومقاصد املنظمة معنية مبسائل تدخل يف اختصاص املجلس االقتصادي واالجتامعي. 2( أن تكون أهداف ومقاصد املنظمة منسجمة مع روح ميثاق األمم املتحدة ومقاصده ومبادئه. 3( تعهد املنظمة بدعم أعامل األمم املتحدة وتعزيز املعرفة مببادئها ونشاطها. 4( أن تدار املنظمة بصورة دميقراطية وان تكون موارد املنظمة املالية واضحة ومستقلة وأن تكون املنظمة ذات مكانة دولية ومعرتف بها. واملنظامت التي تتمتع بالصفة االستشارية عليها واجب تقديم تقارير عن نشاطها كل أربع سنوات وأن تحافظ عىل نشاطها وأدئها الذي مبقتضاه م نحت الصفة االستشارية. ومقابل هذه الواجبات تتمتع املنظمة بالحقوق اآلتية: - حضور مندوبيها كمراقبني بجلسات املجلس االقتصادي واالجتامعي ولجنة حقوق اإلنسان واللجنة الفرعية لتعزيز وحامية حقوق اإلنسان. - تقديم بيانات كتابية عن أوضاع حقوق اإلنسان. - اإلدالء ببيانات شفوية يف الجلسات. - طلب إدراج بنود يف جدول األعامل وحق مناقشتها. - تقديم معلومات عن انتهاك حقوق اإلنسان. وتقسم املنظامت غري الحكومية يف عالقتها باملجلس االقتصادي واالجتامعي إىل ثالث فئات: منظامت الفئة األوىل ذات مركز استشاري عام والتي ت عنى مبعظم أنشطة املجلس ولديها إسهامات بارزة يف األمم املتحدة. منظامت الفئة الثانية ذات مركز استشاري خاص والتي لها اختصاص محدد وت عنى بجوانب قليلة من أنشطة املجلس. منظامت الفئة الثالثة منظامت تدرج يف قامئة املشاورات املتخصصة وتقدم أحيان ا إسهامات مفيدة يف نشاط املجلس

12 املؤسسات الوطنية لحقوق اإلنسان: هي مؤسسات منشأة مبوجب قرار يصدر من رئيس الجمهورية أو إحدى الجهات املختصة بالدولة. وتعمل وفق مبادئ باريس )قرار الجمعية العامة 134/48 -ديسمرب 1993 ( وتختص باآليت: تعزيز وحامية حقوق اإلنسان من خالل تقديم آراء وتوصيات ومقرتحات وتقارير ذات صفة استشارية إىل الجهات الرسمية وغري الرسمية بالدول. وتعمل عىل حث الدولة عىل االنضامم والتصديق عىل املواثيق الدولية لحقوق اإلنسان. كام تسعى لضامن مواءمة القوانني الداخلية للدولة مع التزاماتها مبوجب انضاممها للمواثيق الدولية لحقوق اإلنسان. وتتوىل إعداد التقارير التي تقدمها الدولة للجان اإلرشاف عىل االتفاقيات الدولية. كام تساهم يف إعداد وتفعيل الربامج الخاصة بتدريس حقوق اإلنسان. وهناك مثاين دول عربية بادرت بإنشاء مجالس وطنية لحقوق اإلنسان هي: املجلس االستشاري لحقوق اإلنسان باملغرب واملجلس القومي لحقوق اإلنسان مبرص والهيئة العليا لحقوق اإلنسان والحريات األساسية بتونس واللجنة الوطنية االستشارية لتدعيم حقوق اإلنسان وحاميتها بالجزائر والهيئة الفلسطينية املستقلة لحقوق اإلنسان واملركز الوطني لحقوق اإلنسان باألردن والجمعية الوطنية لحقوق اإلنسان بالسعودية واللجنة الوطنية لحقوق اإلنسان بقطر. املجلس الدويل لحقوق اإلنسان: هيئة دولية فرعية تابعة للجمعية العامة لأمم املتحدة وتحل محل لجنة حقوق اإلنسان ويتألف املجلس من 47 دولة عضو تنتخبها أغلبية أعضاء الجمعية العامة باالقرتاع الرسي املبارش وبشكل فردى وتخضع إجراءات العضوية لقاعدة التوزيع الجغرايف العادل لكل الدول األعضاء. ويختص املجلس الدويل لحقوق اإلنسان باألعامل التالية: االضطالع بجميع مهام ومسؤوليات لجنة حقوق اإلنسان والعمل عىل تحسينها وترشيدها والحفاظ عىل نظام اإلجراءات الخاصة واإلجراءات املتعلقة بالشكاوى. تعزيز وحامية حقوق اإلنسان ومعالجة حاالت انتهاك حقوق اإلنسان الجسيمة واملنهجية. النهوض بالتثقيف والتعليم يف مجال حقوق اإلنسان فضال عن الخدمات االستشارية واملساعدة الفنية بالتشاور مع الدول األعضاء باملجلس. إقامة الحوار بني الدول األعضاء يف كل املوضوعات ذات الصلة مبجال حقوق اإلنسان. تقديم توصيات إىل الجمعية العامة بهدف تطوير القانون الدويل لحقوق اإلنسان. متابعة مدى التزام الدول بالتزاماتها مبوجب املواثيق الدولية لحقوق اإلنسان. إقامة الحوار والحث عىل التعاون الدويل ملنع حدوث انتهاكات لحقوق اإلنسان واالستجابة رسيع ا يف الحاالت الطارئة املتعلقة بحقوق اإلنسان. يحل محل لجنة حقوق اإلنسان فيام يتعلق مبسؤوليتها تجاه مفوضية األمم املتحدة لحقوق اإلنسان. املساواة يف التعاون والعمل بني الحكومات واملؤسسات الوطنية لحقوق اإلنسان ومنظامت املجتمع املدين. تقديم توصيات تتعلق بتعزيز وحامية حقوق اإلنسان وتقديم تقرير سنوي إىل الجمعية العامة لأمم املتحدة. بعض األسئلة واألجوبة املتعلقة بحقوق النسان: س: ما هي حقوق اإلنسان ج: مثة تعريف موجز لحقوق اإلنسان من منظمة كري ينص عىل أن:»حقوق اإلنسان هي أحقية كل الناس يف ظروف أساسية تدعم جهودهم للعيش بكرامة ويف سالم وإلمناء قدراتهم الكامنة كبرش إىل أقى قدر ممكن«. وتعريف آخر من مكتب املفوضية السامية لحقوق اإلنسان ينص عىل:»يجوز تعريف حقوق اإلنسان بأنها ضامنات قانونية عاملية تخص كل البرش وتحمي األفراد واملجموعات من األفعال أو االمتناع عن األفعال مام يؤثر عىل كرامتهم اإلنسانية«. وقد نصت املادة 21 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان عىل اآليت: لكل فرد الحق ىف االشرتاك ىف إدارة الشؤون العامة لبالده إما مبارشة وإما بواسطة ممثلني ي ختارون اختيار ا حر ا. لكل شخص نفس الحق الذي لغريه يف تقلد الوظائف العامة ىف البالد. إن إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة وي عرب عن هذه اإلرادة بانتخابات نزيهة دورية تجري عىل أساس االقرتاع الرسي وعىل قدم املساواة بني الجميع أو حسب أي إجراء مامثل يضمن حرية التصويت. س: ما هي املبادئ األساسية لحقوق اإلنسان ج : حقوق اإلنسان كونية وغري قابلة للترصف فيها: حقوق اإلنسان كونية وال ميكن الترصف فيها أو نزع ملكيتها. لجميع األشخاص يف جميع أرجاء العامل نفس الحقوق وال ميكن إلنسان ميلك تلك الحقوق أن يتنازل عنهم طوع ا كام ال ميكن لآلخرين أن يسلبوه أو يسلبوها إياهم. وكام هو منصوص عليه يف املادة 1 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان:»يولد جميع الناس أحرار ا ومتساوين يف الكرامة والحقوق«. حقوق اإلنسان كل ال يتجزأ: حقوق اإلنسان كل ال يتجزأ سواء كانت تلك الحقوق حقوق ا مدنية أو حقوق ا ثقافية أو اقتصادية أو سياسية أو اجتامعية فكلهم أصليون ومرتبطون بكرامة اإلنسان. ومن ثم فجميعهم عىل نفس املكانة كحقوق فال ميكن تدريجهم عىل نحو هرمي. حقوق اإلنسان متكاملة ومرتابطة: إن إدراك حق واحد غالب ا ما يعتمد كلي ا أو جزئي ا عىل إدراك الحقوق األخرى عىل سبيل املثال: رمبا يتوقف إدراك الحق يف الصحة يف ظروف معينة عىل إدراك الحق يف التعليم أو الحق يف الحصول عىل معلومات. املساواة وعدم التمييز: جميع األفراد متساوون كبرش وبسبب الكرامة املتأصلة لكل البرش. ولجميع الناس حق التمتع بحقوقهم اإلنسانية دومنا متييز من أي نوع مثل التمييز بسبب العنرص أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي -سياسي ا أو غري سيايس- أو األصل الوطني أو االجتامعي أو الروة أو املولد أو أي وضع آخر وذلك كام أوضحت لجان حقوق اإلنسان. املشاركة واالشتامل: لكل شخص ولجميع الناس حق املشاركة واملساهمة يف والتمتع بالتنمية املدنية واالقتصادية واالجتامعية والثقافية والسياسية بفاعلية وحرية وكفاءة والتي ميكن يف ظلها إدراك حقوق اإلنسان والحريات األساسية

13 املحاسبة وسيادة القانون: عىل الدول وحاميل الواجبات أن يكونوا قابلني للمساءلة من قبل الجهات املعنية مبراقبة حقوق اإلنسان. ويف هذا الخصوص عليهم أن يخضعوا للمعايري والقواعد القانونية املتضمنة يف مواثيق حقوق اإلنسان. وحني يخفقون يف هذا للمترضرين من أصحاب الحقوق اتخاذ اإلجراءات املناسبة لالنتصاف أمام املحكمة املختصة أو أي جهة أخرى ذات اختصاص وذلك وفق ا للقواعد واإلجراءات التي ينص عليها القانون. س: هل حقوق اإلنسان كونية حق ا ج: نعم... تتكون حقوق اإلنسان من ما هو أسايس وال غنى عنه للبرش- دومنا اعتبار ملن يكونون أو أين يقيمون- ليعيشوا بكرامتهم األساسية واحرتامهم الذايت ومن هذا املنطلق فإن حقوق اإلنسان بطبيعتها الخالصة كونية. وباملثل ال بد من اإلقرار بأن املنظورات الغربية قد متثلت عىل نحو غري متناسب يف تشكيل حقوق اإلنسان املتفق عليها دولي ا مام أقر بافتقار حقوق اإلنسان بدرجة ما إىل رشعيتها الثقافية يف أجزاء كثرية من العامل. ورمبا يتغري هذا بتوسيع وتعميق ملكية حقوق اإلنسان. بينام ويف نفس الوقت يعزز تضمني ومشاركة أكرب من قبل الجميع يف مواصلة لتحديد مثل تلك الحقوق وصياغتها. س: ما هو اإلطار الدويل لحقوق اإلنسان ج: اإلطار املرجعي األسايس هو الرشعة الدولية لحقوق اإلنسان والتي تتكون من ميثاق األمم املتحدة واإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان )UDHR( والعهدان الدوليان املتالحقان وهام العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية ICCPR والعهد الدويل الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتامعية والثقافية.ICESCR وتحدد الرشعة الدولية لحقوق اإلنسان الرشوط الدنيا األساسية وتنص عىل أحقية جميع الناس يف التمتع بها. واتفاقيات حقوق اإلنسان إمنا ت ف رس وت ف ص ل الرشعة الدولية لحقوق اإلنسان كام توفر حامية خاصة للمجموعات املعرضة النتهاك حقوقها كالالجئني والنساء واألطفال والشعوب األصلية. وتعد تلك االتفاقيات أيض ا مصادر أو مراجع يف العمل مع تلك املجموعات. أما عن القانون اإلنساين الدويل فهو املختص بتحديد الحقوق والسيام الحقوق املدنية يف مناطق النزاعات املسلحة )وي عرف أيض ا بقانون الحرب ألنه يطبق يف حاالت الحروب والنزاعات املسلحة( وهو أيض ا مرجع مهم يف اإلطار الدويل لحقوق اإلنسان. القسم الثاني : تعريفات السياسة العامة تعريفات السياسة العامة: كثري ا ما يقع الخلط بني النظام السيايس political regime واملنظومة السياسية political system وهو خلط تتبناه املدرسة األمريكية للسياسات املقارنة والتي يتزعمها برينجهام بوويل وغابريال املوند Almond( Gabriel وPowell ) Bringham وهي تدمج يف دراسة األنظمة السياسية -إىل جانب املؤسسات السياسية- الهياكل االقتصادية واالجتامعية والتقاليد التاريخية واملحيط الثقايف ومجموعة القيم السائدة وعموم ا كل الهياكل من جوانبها السياسية فهو تعريف يهتم بكل العنارص املؤثرة يف النظام السيايس مبفهومه الضيق وهو خلط نجده أيض ا يف الفقه الفرني حيث يعر ف موريس ديفرجيه النظام السيايس بوصفه:»توليف ا بني نظام أحزاب وطريقة اقرتاع وأمناط قرارات لواحد أو أكر من هياكل مجموعات الضغط«. يف الواقع من الرضوري التمييز بني املفهومني: فالنظام السيايس مبعناه الضيق إذن هو جزء مكون من مكونات املنظومة السياسية يقع الرتكيز فيه عىل املؤسسات والطرق املتعلقة بتنظيم السلطة السياسية ومامرستها وانتقالها يف إطار الدولة وهو يتعلق باألساس بالتنظيم الدستوري للسلطة وللعالقات بني املؤسسات وللعالقة بني الحكام واملحكومني. فالنظام السيايس إذن يتعلق بأشكال الحكم التي وقع بشأنها اقرتاح عدة تصنيفات بحسب عدة معايري فمنها من يستند إىل عدد الحكام: )األنظمة التي تقوم عىل شخص واحد األنظمة التي تقوم عىل أقلية األنظمة التي تقوم عىل أغلبية ) ومنها من يصنفها بالنظر إىل شكل النظام: ( النظام الجمهوري النظام امللي( وهناك تصنيف األنظمة السياسية بالنظر إىل عدد األحزاب: )أنظمة الحزب الواحد - أنظمة الحزب املهيمن أنظمة الثنائية الحزبية أنظمة التعددية الحزبية( ويبقى أهم تصنيف فقهي عىل اإلطالق وهو تصنيف األنظمة السياسية باالعتامد عىل معيار الفصل بني السلطات والذي يؤدي إىل التمييز بني األنظمة التي متزج بني السلطات وبني تلك التي تفر ق بينها إما تفريق ا مرن ا )أي النظام الربملاين( أو تلك التي تفرق بينها تفريق ا جامد ا )أي النظام الرئايس(. إذ يركز النظام السيايس عىل النظام الدستوري وعىل أشكال الحكم أما املنظومة السياسية فرتكز باإلضافة إىل ذلك عىل املحيط مبا أنه يشمل التفاعل بني مكونات املجتمع السيايس واألشكال االقتصادية واملسائل الثقافية وميكن هنا أن نقدم تعريف دافيد ايستون David Easton وهو:»مجموع التفاعالت واألدوار املتداخلة واملتشابكة التي تتعلق بالتخصيص السلطوي للقيم أي بتوزيع األشياء ذات القيمة مبوجب قرارات سياسية ملزمة للجميع«أو التي تتضمن االستخدام الفعيل أو التهديد باستخدام اإلرغام املادي املرشوع يف سبيل تحقيق تكامل وتكيف املجتمع عىل الصعيدين الداخيل والخارجي )جابرييل املوند(. وبصفة أوضح يعرف فيليب برود املنظومة السياسية بوصفها:»تضم ال فقط التنظيم الدستوري للحكام ولكن أيض ا للفاعلني اآلخرين واملسارات األخرى مبا يف ذلك نظام األحزاب والحريات العامة ووسائل االإعالم وآليات الترشيك السيايس للمواطنني«

14 وهذا يعني أن املنظومة السياسية قد تشمل الدولة ولكنها قد تتجاوزها لتستوعب عالقات وتفاعالت سلطوية إما مشمولة بالدولة: كاألحزاب والجامعات العرقية والطائفية ذات الثقافات املغايرة واملضادة للدولة وإما تتعدى حدود الدولة: كظاهرة اإلرهاب أو العنف متعدي القوميات أو حركات التحرر الوطني أو التداعيات السياسية للعوملة. يف النهاية تحتاج دراسة السياسات العامة إىل جملة من املعارف بشأن هيكلة صناعة القرار من الجانب املؤسسايت والقانوين أي النظام السيايس ولكنها تحتاج أيض ا إىل التمكن من آليات مشاركة الفاعلني اآلخرين من مجموعات ضغط يف صنع القرار وتأثري العوامل الخارجية عليه وذلك من مباحث علم املنظومة السياسية لذلك من املفيد اعتامد تعريف ال يهمش الجانب املؤسسايت والقواعد القانونية املنظمة له بل يضعها يف محيطها العام ويهتم بكل العنارص املؤثرة فيها مبا يف ذلك العنارص التاريخية واالجتامعية واالقتصادية والثقافية والدولية. بنية النظام السياسي: طاملا وقع اإلقرار باعتامد تعريف واسع للنظام السيايس وجب االعرتاف بأنه يشمل نظام مؤسسي ا ونظام ا إداري ا ونظام أحزاب كام أنه يحتاج إىل نظام قانوين يوضح كيفية اتخاذ القرارات. - 1 التنظيم املؤسي والقانوين للدولة: تنظيم السلطة: هناك ارتباط مبارش بني النظام السيايس والسياسة العامة فام يؤثر كثري ا يف السياسات العامة هو كيفية توزيع السلطات يف الدولة ومنيز هنا بني شكلني: التوزيع العمودي للسلطات الذي يحيل إىل الالمركزية التي تهدف إىل تقسيم السلطة بني الحكومة املركزية وبني السلطات اإلدارية يف الدولة ومن الرضوري اإلشارة إىل التأثر الشديد للسياسات العامة بدرجة الالمركزية املوجودة يف الدولة بني املستوى األعىل واملستوى األدىن. التوزيع األفقي للسلطات: تتأثر السياسات العامة بدرجة الرتكيز املوجود بني السلطات إذ من املفروض احرتام أحد أهم املبادئ األساسية التي يقوم عليها التنظيم الحديث للحكم يف الدولة أال وهو املبدأ الليربايل للفصل بني السلط الذي نظر له الفقيه الفرني مونتسكيو. وقد انطلق هذا املنظر من معاينة:»إنها لتجربة أبدية أن كل شخص قابض عىل السلطة ميال لإلفراط يف استعاملها ويضيع كل يشء إذا متكن نفس الشخص أو نفس الهيئة من العظامء أو األعيان أو الشعب نفسه من مامرسة هذه السلط الثالثة: سلطة وضع القوانني وسلطة تنفيذ اللوائح العمومية وسلطة البت يف الجرائم أو يف الخالفات الخاصة بني األفراد«. عىل هذا األساس يقع التفريق الهيكيل والوظيفي للسلطات التي ينشئها الدستور وفق هذا املثال: السلطة الترشيعية هي من أهم السلطات يف الدولة مهمتها عمل القوانني أي ترشيع القواعد العامة ونجد يف جميع األنظمة السياسية املعارصة تقريب ا جمعيات ترشيعية يطلق عليها أسامء مختلفة: )مجلس النواب مجلس الشيوخ مجلس األمة...( ويقوم أعضاؤها مبناقشة وإعداد والتصويت عىل السياسات التي ت عرض عليهم بعد دراستها واملوافقة عليها السلطة التنفيذية وهي الهيئة التي يقع عىل عاتقها تنفيذ القوانني التي تصدرها الهيئة الترشيعية ولها أهمية يف إنجاز العملية السياسية والتنفيذية عادة تبارش سياسات جديدة وترشف عىل تنفيذها وتحرص عىل اتخاذ اإلجراءات الالزمة لها. السلطة القضائية وتكمن مهمتها يف تحقيق العدالة وتفسري القانون وتطبيقه وتلعب دور ا يف صنع السياسات مثال : يف الواليات املتحدة األمريكية من خالل دور القضاة يف تفسري السياسات العامة ومراجعة النصوص أو تعديلها )مضمون السياسة العامة( وألن السلطة القضائية توفر ضامنة حقيقية وحامية قانونية للحقوق والحريات الفردية خصوص ا بوجود الرقابة عىل القوانني واألعامل اإلدارية. من الرضوري اإلشارة هنا إىل أن مبادئ توزيع السلطات ومضمونها تضبطها جملة من النصوص القانونية عىل رأسها الدستور الذي يوضح صالحيات مختلف السلطات والعالقات بينها ومجال القوانني التي تصدرها السلطة الترشيعية ومجال الرتاتيب واللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية. البناء القانوين: من الرضوري أن يكون املهتم بصنع السياسات العامة مطلع ا عىل النظام القانوين وعىل كيفية إصدار القواعد القانونية التي سيقع يف إطارها إقرار السياسة العامة وتنفيذها. يف هذا اإلطار تتوزع النصوص القانونية يف إطار الدولة بني مختلف السلط املخولة إلنشاء القواعد القانونية وتنفيذها ويقع ترتيب القواعد التي تصدرها هذه الهياكل تفاضلي ا عىل أساس درجة املرشوعية التي يتمتع بها الهيكل الذي تبن ى هذه القاعدة ويتعلق األمر باألساس بسلطتني: السلطة املؤسسة التي تضع الدستور -سلطة تأسيسية أصلية- وتعدله - سلطة تأسيسية فرعية- وبني السلط املؤسسة التي ينشئها الدستور - أي السلطة التنفيذية والسلطة الترشيعية. يرتتب عن هذا التوزيع للسلط منظومة قانونية هرمية تكون فيها مختلف القواعد مرتبة بحسب قوتها التي تستمدها من القاعدة التي تعلوها ويعتيل الدستور الصادر عن السلطة التأسيسية األصلية -وهي السلطة األوىل والعليا- قمة هذا البناء الهرمي وييل الدستور هذه القواعد الصادرة عن السلطات املؤسسة من سلطة تنفيذية وسلطة ترشيعية. يف هذا املستوى يعترب الفقيه عبد الفتاح عمر أن القوانني الصادرة عن السلطة الترشيعية ال تتساوى مع اللوائح الصادرة عن السلطة التنفيذية فهناك علوية للقوانني بالنسبة للرتاتب ألن القانون يعرب أكر من اللوائح الصادرة عن السلطة التنفيذية- عن اإلرادة العامة ولذلك اعترب أن سلم القواعد القانونية يتضمن أوال الدستور ثم القوانني ثم اللوائح مع العلم أن بعض األنظمة ت قر ترتيب ا يف إطار القوانني بني القوانني األساسية والقوانني العادية كام أن مكانة اللوائح تختلف بحسب السلطة التي تصدرها بحيث تعلو النصوص الصادرة عن رئيس الجمهورية اللوائح الصادرة عن الوزراء واملحافظني. بقي أن نشري إىل مكانة املعاهدات الدولية التي تعلو يف بعض األنظمة مكانة القانون العادي. واملهم أن مختلف القواعد يجب أال تتعارض مع الدستور الذي يعلو جميع القواعد

15 العناصر األخرى للنظام السياسي: وظائف النظام السياسي: الرأي العام: توجد عالقة بينه وبني السياسة العامة حيث إن ما يفكر فيه الجمهور هو ما تفعله الحكومة فهو وجهة نظر األغلبية تجاه قضية مهمة وتكون مطروحة للنقاش بحث ا عن حل فهو يؤثر يف السياسة العامة والعكس صحيح وهذه العالقة تختلف من نظام آلخر كنوع القضية ودرجة متسك الجامهري. ويظهر تأثري الرأي العام يف إمكانية ما يضع من حدود عىل القرارات الحكومية وعىل صنع السياسة وأيض ا عند إحجام املسؤولني عن اتخاذ موقف أو قرار وهذا ما يحدث معارضة شعبية قوية ألن السياسة العامة يف الدول الدميقراطية هي من صنع الرأي العام. األحزاب السياسية: تعترب من أهم متغريات النظام السيايس كونها تؤدي له مجموعة من الوظائف وتوفر قنوات للمشاركة والتعبري عن الرأي وميكن لأحزاب أن تؤثر عىل السياسة العامة مثال يف التأثري خارج السلطة أي الوظائف التي تؤديها األحزاب خارج الحكم مثل املسائل األساسية التي تناقش يف النظام السيايس كإثارة الرأي العام وتؤلف قوة ضاغطة عىل الحكومة وتقوم هذه األحزاب ببلورة املصالح االجتامعية وإظهار املطالب واالحتياجات فأحيان ا تساهم يف صنع القرارات السياسية باعتبارها عنرص ا هام ا يف الحكومة. الجامعات الضاغطة: وهي جامعات مختلفة الهوية والعدد والتنظيم واملكانة والقوة لها هدف هو إثارة اهتامم الحكومة حول قضية ما تهم هذه الجامعات وتخدم مصالحها ولي تتمكن من القيام بدورها يلزمها وجود قنوات رسمية حكومية وغري حكومية لتوصيل صوتها عن صنع السياسة العامة ولديها أساليب للضغط متنوعة كوجود متحدثني مثال )مسؤولني( عن مقرتحات رسم السياسة العامة وعن طريق التأثري يف الرأي العام ليتخذ موقف ا ضد السلطة أو عىل األقل يسهل مترير مشاريعها. يعمل النظام السيايس من خالل مجموعة من املؤسسات الرسمية الترشيعية والتنفيذية والقضائية حيث تعكس العالقة بني تلك املؤسسات الكيفية التي يقوم بها النظام السيايس يف أدائه وظائفه وصنع سياساته العامة ولعل من أهم تلك الوظائف: الوظائف )السياسات( االستخراجية. الوظائف )السياسات( التوزيعية. الوظائف )السياسات( التنظيمية. الوظائف )السياسات( الرمزية

16 السياسات االستخراجية: وهي تشري إىل أداء النظام السيايس وكيفية تعبئة املوارد املادية والبرشية سواء كان مصدرها البيئة الداخلية أو البيئة الخارجية. ومن أكر السياسات االستخراجية شيوع ا الرضائب واإلعانات والخدمة العسكرية. الفرق بني السياسة العامة والتوجه السيايس: السياسات التوزيعية: ويقصد به تخصيص الوكاالت الحكومية مبختلف أنواعها لأموال والسلع والخدمات والجوائز والفرص وتوزيعها عىل األفراد والجامعات وميكن قياسها ومقارنتها حسب كمية ما وزع والرشائح االجتامعية التي طالتها تلك املنافع ورشائح السكان التي تلقت تلك املنافع والعالقة بني االحتياجات البرشية والتوزيعات الحكومية الرامية إىل تلبية تلك الحاجات. السياسات التنظيمية: وهي مامرسة النظام السيايس الرقابة عىل سلوك األفراد والجامعات يف املجتمع وهنا يتم ربط التنظيم عادة بالجربية القانونية أو التهديد بها. وقد اتسع النشاط التنظيمي للدولة يف العرص الحديث بفعل املشاكل التي أفرزتها عمليتي التحديث والتنمية كاملرور والصحة واألمن الصناعي والتلوث واستغالل العامل واإلسكان...إلخ. السياسات الرمزية: ويقصد بذلك خلق واستخدام الرموز السياسية التي تدعم الشعور باملواطنة املسؤولة وتغذي اإلحساس بالوالء الوطني وتدفع املواطنني إىل تقبل التضحيات واملصاعب وبذل كل ما هو نفيس يف سبيل رفعة الوطن. وتتضح نتائج األداء السيايس يف االستخراج والتوزيع والتنظيم والرتميز ونجاح السياسات العامة من خالل طبيعة العالقات القامئة بني مؤسسات النظام السيايس الرسمية وغري الرسمية وكيفية أداء كل مؤسسة داخل النظام السيايس باعتباره كال يضم مجموعة األجزاء. ويبدو أن هناك ترابط ا بني أداء النظام السيايس يف سياساته األربع وبني املؤسسات التي تسهم يف ذلك األداء فاألداء املتوازن لتلك السياسات وشمولها عىل نحو إيجايب لكل فئات املجتمع يعني استقاللية كل مسؤولية من مؤسسات النظام السيايس وأداء كل مؤسسة لدورها مع وجود حالة توازن يف األدوار التي تخدم املصلحة العامة. أما عدم التوازن يف أداء األدوار لتلك املؤسسات وتدهور العالقة بينها وبني املجتمع فيعني فشل النظام السيايس يف أدائه والذي يعني فشل السياسات العامة يف تحقيق املصلحة العامة. كام أن افتقار املؤسسات الرسمية إىل صيغ للعمل السيايس بينها وبني املؤسسات غري الرسمية وضعف قنوات االتصال بني النظام السيايس من جهة واملجتمع من جهة أخرى تقود إىل هيمنة املؤسسة التنفيذية فتكون هذه األخرية هي املسؤولة عن عمليات رسم وتنفيذ السياسات العامة فتقود إىل فشل السياسات العامة يف تحقيق األهداف العامة وما يتحقق من سياسات وأهداف ال ميثل سوى مطالب ومصالح فئة معينة يف املجتمع هي أكر ارتباط ا بالنخبة الحاكمة لذلك تكون السياسات العامة يف ظل تلك العالقة سياسات نخبوية وفئوية وال تتحقق إال يف إطار ضيق. متثل السياسة العامة نتاج التطور الحاصل يف ميدان العلوم االجتامعية ودراسة السياسة العامة كغريها من الدراسات شكلت جدال كبري ا بني الباحثني حول ماهيتها واملوضوعات التي تتناولها لذلك تعددت التعريفات حول فهم السياسة العامة واإلحاطة بجوانبها املتعددة يف كونها متثل الجانب األدايئ للحكومة والفعل السيايس أو أنها ترتبط بكافة جوانب النظام السيايس وال تقترص عىل الحكومة لذلك اختلف الباحثون يف تعريفاتها والتي بلغت أكر من أربعني تعريف ا مختلف ا. ومن أهم خصائصها - ١ أنها قرار تتخذه الحكومة من بني بدائل مختلفة لتحقيق األهداف املنشودة. - ٢ يتميز بالثبات أو عدم التغيري النسبي مادامت السياسة العامة مل تتغري. - ٣ أن تطبيق السياسة العامة عام وشامل وبنفس األسلوب عىل كل أفراد املجتمع الذين تخدمهم السياسة. - ٤ تتخذ بالتشاور بني املسؤولني الحكومني وغري الحكومني أو عىل األقل تعرب عن وجهات نظرهم جميع ا. - ٥ السياسة العامة ديناميكية ومستمرة التطور والتغري. من هنا تكون مهمة اإلحاطة بالسياسة العامة وإعطائها مفهوم ا محدد ا مهمة صعبة نوع ا ما ذلك لتعدد وظائف األنظمة السياسية واملتغريات املؤثرة بتلك الوظائف والدور املتنامي للمجتمع مام جعل من السياسة العامة ليست مهمة النظام السيايس فقط وإمنا إبراز تأثري املجتمع يف عملية رسم وتنفيذ السياسة العامة ومراقبة األداء الحكومي. ومن أجل اإلحاطة مبفهوم السياسة ميكن تناول هذا املفهوم من خالل الرتكيز عىل مختلف املدارس يف تعريف السياسة العامة قبل االحالة إىل تطور هذا املفهوم

17 1- تعريف السياسة العامة يف هذا اإلطار وحتى الثامنينيات كان مفهوم السياسات الحكومية يستعمل للحديث عن السياسات العامة ورغم االتفاق الحاصل حول موضوع السياسات العامة إال أنه مل يحصل اتفاق حول تعريف محدد لها وهو أمر متوقع ملا تستوجبه دراسة السياسات العامة من تدخل عدة اختصاصات والختالف وجهات النظر بشأنها بني الباحثني الذين يهتمون بتطوير املعرفة والفاعلني الحكوميني الذين يهتمون بتحسني الفعل. ورغم اختالف التعريفات املقدمة للسياسة العامة إال أنها تتقاطع يف بعض العنارص: الفاعلني واألنشطة واملشاكل والحلول. *الرتكيز عىل الفاعلني وأنشطتهم: حسب توماس دايDYE Thomas R ) 1984 ( وهو أول املختصني األمريكيني يف السياسات العامة السياسة العامة هي كل ما تختار الحكومات القيام أو عدم القيام به. وحسب تعريف شاركني )1970( Sharkansky تتمثل السياسة العامة يف األنشطة التي تقوم بها الحكومة. وحسب الكاتب الكنديRichard )1976( السياسة العامة هي ما تقوم به الحكومات وملاذا تقوم به. أما حسب الفرنسيني ايف ماين وجون كلود توينيغ 1989(( Yves Mény Jean Claude Thoenig فتتمثل السياسة العامة يف أنشطة السلطات العامة داخل املجتمع. ويعترب ميشال بيلفانس Michel Bellevance أن السياسة العامة تحيل إىل ما تقرر السلطات العمومية واإلدارية املنتصبة بصفة مرشوعة القيام به أو عدم القيام به وما تقوم به يف الواقع. تركز هذه التعريفات عىل الفاعلني الحكوميني لكنها تهمل الفاعلني اآلخرين املشاركني بطريقة أو بأخرى يف هذه القرارات من ذلك املنخرطون يف أحزاب سياسية وأصحاب املصلحة الناخبون أو منظرو اإلدارة. لكن مختلف هذه التعريفات ال تركز عىل موضوع السياسة العامة أي وجود مشكلة. الرتكيز عىل املشكلة: من الباحثني م ن يركز يف تعريفه عن املشاكل والنزاعات واملقتضيات ففراكوف frakoff وشافر ))1970 Schafer يعرفان السياسة العامة بأنها القيام بفعل أو عدم القيام بفعل استجابة لطلبات معينة. أما فروهوك )1979( Frohoc فيعرف السياسة العامة بأنها مجموعة األفعال التي توفق بني األهداف املتعارضة. ويتحدث Anderson أندرسون 1984(( عن مجموعة األفعال املوجهة إىل حل مشكل معني. كام يذهب بال ))1984 Pal يف نفس االتجاه معرف ا السياسة العامة بأنها مجموعة األفعال التي تقرر السلطات العامة اتخاذها أو االمتناع عنها لحل مشكل أو مجموعة من املشاكل املرتابطة. ويسمح هذا الرتكيز عىل املشكل والنزاع بضبط اإلشكاليات التي تسمح السياسات العامة باإلجابة عنها وهي محددات تنبع من املحيط الداخيل أو الخارجي للنظام السيايس مع العلم أن هذا النظام السيايس ميكن أن يكون يف حد ذاته موضوع ا للسياسة العامة. ويف نفس اإلطار ي عرف ستيفان بروكس )1989( Stéphane Brooks السياسة العامة بأنها إطار يجمع األفكار والقيم يقع يف إطاره اتخاذ القرارات واختيار األفعال من قبل الحكومات يف عالقة برهان أو مبشكل ما. يف النهاية كل العنارص الواردة يف مختلف التعريفات املذكورة تعد عنارص مركزية يف تعريف السياسة العامة كمنظومة فهي تشكل يف هذا التعريف مجموعة أنشطة موجهة إليجاد حلول للمشاكل العامة يف محيط ما وهذا عرب فاعلني سياسيني تكون عالقاتهم مهيكلة مع تطور كل هذه العنارص يف الزمن. تطور السياسة العامة حتى عهد قريب كان موضوع السياسة العامة موضوع اهتامم بعض األوساط يف الواليات املتحدة فحسب أما الجامعات األخرى يف أنحاء العامل املختلفة فكانت وما تزال تتمسك باملفهوم التقليدي )النظام السيايس( وعربه مؤسسات الدولة وهيئاتها والقوى االجتامعية واالقتصادية والفكرية والسياسية والواقع أن النظام السيايس الذي كان شائع ا يف األوساط الجامعية يف املايض هو تعبري قانوين قبل كل يشء إال أن هذا املفهوم الثانوي تراجع منذ فرتة ما بني الحربني العامليتني بسبب االنتقادات العنيفة التي وجهها إليه علامء السياسة السلوكيني وكذلك علامء السياسة الذي فضلوا تعبري أنظومة أو نسق )système( وبخاصة بعدما طرح )هارولد ال سول( نظريته املوسومة )علم األنظومة( فجاء مفهوم األنظومة السياسية ليعرب عن مجموعة أدوار مرتابطة وتفاعالت عنارص مختلفة وتخصيص للمصادر املوجودة يف املجتمع بناء عىل قوانني لذلك أصبحت غاية السياسيني تنصب عىل تعيني أهداف املجتمع كالبحث عن الهيبة والنفوذ واألمن والرفاهية االجتامعية وتعاظم سلطتهم عىل الجامعات األخرى وزيادة مشاركة املواطنني يف السياسة وما شابه ذلك وهذه األمور تتطلب أعامال ملزمة كترشيع القوانني وتنفيذها وتطبيق سياسة خارجية فاعلة وكذلك تبني سياسة حكيمة للدفاع الوطني وفرض الرضائب. لذلك جاءت أهمية دراسة السياسة العامة لتعرب عن أدائية النظام السيايس يف تحقيق مثل تلك الغايات املشار إليها وأصبحت أهمية دراستها رضورة ملحة تقتضيها اعتبارات علمية ومهنية )إدارية( وسياسية وهذا ما أشار إليه توماس داي يف كتابه understanding public policy بالقول أن هناك ثالثة أسباب رئيسية لدراسة السياسة العامة وهي: لكن مفاهيم املشاكل أو النزاعات مفاهيم جد واسعة فكل املشاكل ال ميكن أن تكون موضوع ا لسياسة عامة ذ يجب أن يقع اعتبارها مشاكل عامة من قبل الفاعلني املتحكمني يف جدول أعامل الحكومة. الرتكيز عىل الحلول: حسب جانكينز 1978( )Jenkins ت حيل السياسة العامة ال إىل مجموعة القرارات املرتابطة التي يتخذها فاعل سيايس أو مجموعة من الفاعلني السياسيني فقط بل تتعلق أيض ا باختيار األهداف والوسائل الكفيلة بتحقيقها فهي إذن بحث عن الحلول

18 ونظر ا ألهمية دراسة السياسة العامة جاءت أكر الدراسات الغربية لتؤكد عىل ذلك )حيث انتقل الرتكيز من املؤسسات إىل العمليات والسلوك وهو ما تتبع دراسة األسس االجتامعية والنفسية للسلوك الفردي والجامعي وأمناط سلوك الفاعلني السياسيني من قادة ووزراء ونواب ورجال قضاء لقد أصبح التحليل السيايس يرصد ويفرس العمليات والتفاعالت التي تقرر السياسة العامة دون البحث يف العالقة بني العمليات ومحتوى تلك السياسة. أما يف السابق فكان االهتامم منصب ا عىل دراسة املربرات الفلسفية لوجود الحكومة وبنائها التنظيمي من دستور وشكل نظام الحكم وسلطات ومسؤوليات الحاكم ودور السلطات الثالث واملؤسسات التي تتوىل رسم السياسة العامة... إلخ دون البحث يف مضمون السياسة العامة وكيفية تحليلها وتقييمها. وازدادت أهمية دراسة السياسة العامة مع تطور حركة ما بعد السلوكية حيث انصب اهتامم علم السياسة نحو السياسة العامة وأفرغ لها حيز ا كبري ا ومتت معالجتها من عدة اتجاهات من حيث األنواع واملحتوى واإلعداد والتنفيذ والتقييم يف ضوء آثارها املتوقعة عىل املجتمع وعىل النظام السيايس. وترتب االهتامم بدراسة السياسة العامة وتطورها يف حقل علم السياسة إىل تطور االهتامم بدراسة علم اإلدارة وتغريت كثري من املفاهيم املتعلقة باإلدارة نتيجة للتطور الحاصل يف السياسة العامة وأصبح من الصعب القيام بسياسة عامة دون أن يكون هناك جهاز إداري يأخذ عىل عاتقه مهمة تحقيق متطلبات السياسة العامة لذلك أصبح ي نظر للعالقة بني السياسة العامة واإلدارة عىل كون السياسة العامة متثل مخرج ا أساسي ا للحكومة يف النظام السيايس وهي يف نفس الوقت مدخل أسايس للجهاز اإلداري داخل نفس النظام السيايس فال توضع سياسة عامة إال نتيجة جهد العديد من املؤسسات واإلجراءات التي تختلف من نظام إىل آخر إال أنها يف النهاية متثل االتجاه األسايس للعمل أمام الجهاز اإلداري. ال تي ترك ز عىل دورة الس ياسة العام ة Policy Cycle أو خطواتها. الن ظري ة الكالسيكي ة يف تحليل الس ياسات العام ة: دورة الس ياسة العام ة Cycle( :)Policy كام سلفت اإلشارة ترك ز الن ظري ة الكالسيكي ة يف دراسة الس ياسات العام ة عىل دورة الس ياسة العام ة Cycle( )Policy أو خطواتها وتوض حها بشكل أكرب فيام ييل: تعريف املشكلة أو القضي ة محل الس ياسة العام ة أو وضع األجندة.Problem definition & agenda formation وضع تصو ر للس ياسة املرغوبة أو املناسبة.Policy formulation حشد الد عم.Mobilize support وضع قواعد وخطط عمل عام ة لتنفيذ الس ياسة املوضوعة.Establish guidelines and rules for the course of action تطبيق الس ياسة املختارة.Policy Implantation الت قييم.Policy evaluation تعديل الس ياسة وإصالحها.Policy reform دورة السياسة العامة إن تطور االهتامم يف السياسة العامة جاء من خالل تأثري الدراسات واملناهج العلمية وإضافتها لعلم السياسة وكيفية نظرتها إىل العملية السياسية وأداء النظام السيايس فكان لكل منهج أو مدخل دوره يف تطور حقل السياسة العامة وفق ا ملنطلقاته الخاصة سواء كان منهج ا نخبوي ا أو جامعي ا أو نظمي ا أو يقوم عىل اختيار السياسات الكفء يف فهم السياسة العامة. ملاذا السياسة العامة: أجمع الباحثون املهتم ون مبجال الس ياسات العام ة عىل أن حقل دراسة الس ياسة العام ة مل ينجح يف الوصول إىل نظري ة موح دة لفهم وتفسري هذه الظ اهرة. وأن ه نظر ا ألن تحليل الس ياسات العام ة -مثله يف ذلك مثل بقي ة الظ واهر االجتامعي ة- ظاهرة شديدة الت عقيد بطبعها فقد خرج حقل الس ياسات العام ة بعدد كبري من األطر الن ظري ة ال تي تحاول جميع ا فهم وتفسري الس ياسات العام ة من جوانب مختلفة. وهو -بطبيعة الحال- حقل من الد راسات متطو ر ومتغري باختالف الز من والس ياقات االجتامعي ة والت اريخي ة وكذلك األحداث موضع الد راسة. ومنها ما يرك ز عىل املراحل املختلفة لعملي ة صنع الس ياسات العام ة ومنها ما يرك ز عىل مرحلة واحدة فقط )مثل مرحلة صياغة األجندة أو مرحلة تنفيذ الس ياسات( ومنها ما رك ز عىل كيف يتم قبول أو رفض عدد من الس ياسات املختلفة املتعل قة مبوضوع واحد خالل فرتة زمني ة محد دة وغريها يرك ز عىل العوامل املؤس سي ة يف صنع الس ياسات العام ة ومنها ما يرك ز أيض ا عىل دور العنرص البرشي أو دور األطراف املختلفة املعني ة بالس ياسة محل الد راسة من خالل شبكة عالقاتها املعق دة وكيف تساهم هذه األطراف يف تعديل الرت تيبات املؤس سي ة أو القواعد الحاكمة للس ياسات مع الوقت... وغريها الكثري. وفيام ييل نحاول تقديم إطار عام لتحليل الس ياسات العام ة وهو الن ظري ة الكالسيكي ة يف دراسة الس ياسات العام ة وهي وإن كن ا يف هذه الد ورة الت دريبي ة سرك ز عىل املرحلتني 1 و 2 فإنه من املفيد تقديم ملحة عام ة مخترصة عن كل واحدة من هذه املراحل.

19 ١- تعريف املشكلة أو القضي ة محل الس ياسة العام ة أو وضع األجندة: وميكن تعريف املشكلة العامة ألغراض صنع السياسات العامة بأنها موقف أو حالة تحرك الحاجات والشعور بعدم الرضا لدى أفراد املجتمع مام يدفعهم لطلب العون أو تدخل الحكومة للمساعده ىف إزالة ما يعانون منه. ويقع تحديد املشكلة محل الد راسة أو البحث من قبل مجموعة ما قد تتكو ن من»صن اع القرار أو من غريهم من املختص ني يف مجال الس ياسات العام ة أو حت ى من املواطنني والن اشطني يف املجتمع املدين. وعادة ما تطرح هذه املسألة مشاكل متعد دة خاص ة لدى طرحها لدى الر أي العام للمناقشة ففي أغلب األحيان توجد اختالفات يف الر ؤى لدى مختلف الرش ائح من الس ياسي ني ومن املواطنني وهو ما يفي إىل اختالف يف تعريف املشكلة وصياغتها ألسباب متعد دة قد تكون إثني ة أو ثقافي ة أو اجتامعي ة أو قيمي ة أو ذات صلة باملصالح الس ياسي ة واالقتصادي ة لفئة معي نة من املجتمع. وحت ى يتم تفادي احتداد االختالف يف هذه املسألة فإن ه من املستحسن أن يبدأ العمل عىل دراسة املشكلة من خالل األبحاث مبجر د تلم سها واكتشافها بشكل يشج ع عىل وضعها يف أولوي ات صن اع القرار ولهذا األمر فائدتان: فائدة عملي ة: فهو يساهم يف تطوير الس ياسات وتقييمها. فائدة معرفي ة: تساهم هذه الد راسات يف الرت اكم املعريف والعلمي وميكن أن ميث ل ماد ة جي دة للباحثني والعاملني يف حقل هذه املشكلة مستقبال. ثم إن الت عريف الد قيق للمشكلة محل البحث وماهيتها وأسبابها يسه ل كثري ا عىل الباحث يف الس ياسة العام ة بقي ة مراحل صنع هذه الس ياسة. وتوجد 3 أسئلة أساسي ة ميكنها أن تساعد يف تحديد وتعريف املشكلة: ما هي طبيعتها كيف حدثت وملاذا كيف ميكن عالجها ٢- وضع تصو ر للس ياسة املرغوبة أو املناسبة: يف حال ما إذا كان املعني بتعريف املشكلة متخص ص ا يف صنع الس ياسات فعادة ما سيلجأ إىل دفع هذه املشكلة إىل أجندة )مت خذ القرار( الس ياسي ة. ولي يتم ذلك ينبغي عىل الجهة ال تي حد دت املشكلة أن تقد م حجج ا قوي ة ومفص لة ومت سقة تساعد عىل جلب اهتامم أصحاب القرار بها. ٣- حشد الد عم: مع تحديد املشكلة تثار عادة يف املجتمعات الد ميقراطي ة الكثري من الن قاشات والحوارات داخل دوائر الر أي العام واإلعالم وصن اع القرار حول القضي ة املطروحة خاص ة إن و جد يف املجتمع رأيان مختلفان أو مجموعة آراء حولها وهنا تربز املطالبات الس ياسي ة فتربز مجموعة من املطالب ال تي تكون يف الغالب متعارضة وتحت م عىل مت خذي القرار رد الفعل. ومع الوقت وكرة األخذ والر د يف الن قاشات العام ة يتكو ن انطباع عام لدى املواطنني برضورة الت دخ ل الحكومي للت عامل مع هذه املشكلة. وهكذا نالحظ أن املشكلة محل البحث تتنافس مع مشكالت أخرى -بغض الن ظر عىل درجة أهم يتها لالستحواذ عىل اهتامم صن اع القرار. وهكذا نالحظ أن عدد ا كبري ا من املشكالت قد يفشل يف جلب اهتامم صن اع القرار ملد ة طويلة رغم خطورتها وجد ي تها عىل حساب مشكالت أخرى قد تكون أقل خطورة. ٤- وضع قواعد وخطوط عمل عام ة لتنفيذ الس ياسة املوضوعة: كام سبق الذ كر تنجح مشكالت وتفشل أخرى يف الحصول عىل اهتامم صانع القرار خاص ة عىل فرتات زمني ة طويلة. وتبع ا لذلك فإن بعض ا منها ينجح يف الوصول إىل أجندته فيام يفشل البعض اآلخر يف ذلك. وباملثل تتحو ل الر ؤى واملطالبات املتعد دة للمجموعات الس ياسي ة املختلفة داخل املجتمع إىل أطروحات بديلة للت عامل مع املشكلة أو القضي ة محل البحث. ومن الجدير بالذكر أن عملي ة صياغة األجندة هي عملي ة سياسي ة بامتياز حيث تتصارع املجموعات املختلفة عىل سلطة صياغة األجندة أو حت ى عىل الت أثري عليها بشكل فع ال. ومن أجل جذب اهتامم صانع القرار تتبع هذه املجموعات إحدى اسرتاتيجي تني: فإم ا أن ها توس ع نطاق القضايا عىل أجندتها الخاص ة إىل أقى حد الستيعاب عدد آخر من القضايا املت صلة مبوضوع القضي ة محل البحث بشكل مبارش أو غري مبارش. أو أن ها تضي ق نطاق القضايا املوضوعة عىل أجندتها الخاص ة إىل أقى حد إن كانت ترغب يف أن ال يهتم بها صانع القرار. ومن املهم قبل الرش وع يف عملي ة الد فع باملشكلة لتكون جزء ا من أجندة صنع القرار أن نفهم أوال املناخ املحيط به فمفتاح نجاح الس ياسة العام ة املقرتحة هو استهداف جمهور معني لتوجيه الر سالة له. الجمهور األكر شيوع ا القرتحات بسياسات عام ة مفص لة هم صن اع القرار. ونرك ز عىل صن اع القرار ألن هم حت ى -وإن مل ميلكوا أي ة سلطة منفردة- إال أن هم هم املسؤولون عن هذه الس ياسات. ويف هذه املرحلة يلخ ص البعض عدد ا من العوامل تؤث ر يف وضع املشكلة عىل أجندة صانع القرار وهي : تجميع وجهات الن ظر املتقاربة من مختلف املجموعات املعني ة بالقضي ة محل البحث )بناء االئتالفاتcoalition.)building تحليل الحدث analysis( )Event من خالل استخدام حدث ما مرتبط باملشكلة والرت كيز عليه من أجل دفع القضي ة عىل أجندة صن اع ومت خذي القرار. تأطري املشكلة Problem Framing )تعريف املشكلة(. أم ا الخطوة املوالية فهي تطوير سياسة عام ة وتبن يها من أجل الس عي لعالج املشكلة محل البحث. وتنقسم هذه املرحلة إىل : املفاوضات والض غط بني األطراف املختلفة ومت خذي القرار.Deliberation اختيار الس ياسة العام ة أو مجموعة سياسات عام ة لعالج املشكلة من بني البدائل املتعد دة املطروحة Policy.Formulation تبن ي هذه الس ياسة أو الس ياسات. Policy adoption ونحاول أيض ا اقرتاح عدد من الت وصيات لأخذ بها يف هذه املرحلة

20 - ٥ تطبيق الس ياسة املختارة: بعد صياغة البدائل املختارة وتبن ي مت خذي القرار لها مل يبق سوى إصدارها من جانبهم يف صورة قرارات أو تعليامت أو ترشيعات. - ٦ الت قييم: يف هذه املرحلة يفرتض أن يتم جمع معلومات عن الس ياسة محل الت قييم وتحليلها وتفسريها وكذلك عن كفاءة الربنامج أو األدوات ال تي تم اختيارها لتطبيق هذه الس ياسة. تتمث ل املعايري ال تي يعتمد عليها املقي مون يف تقييم أحد الس ياسات العام ة يف: الفعالي ة والكفاءة والجودة واإلتاحة والعدالة إن شكل الن ظام الس يايس والد ستوري وكذلك الهيكل املؤس ي املت بع يف الد ولة املعني ة يلعب دور ا أساسي ا يف الت أثري عىل البدائل الس ياسي ة ال تي لها الحظ األكرب يف أن يتم قبولها من جانب مت خذي القرار. وبقطع الن ظر عن هذا الش كل فبمجر د أن يتم قبول البديل املطروح من جانب مجموعة معي نة أو من جانب الجهة الر سمي ة املسؤولة عىل املشكلة محل البحث وسواء قبلت هذه الجهة بالبديل املقد م لها كامال أو ببعضه فقط أو أدخلت عليه بعض الت عديالت فإن ه يتحو ل يف هذه الل حظة إىل سياسة عام ة. ولو اقترص األمر عىل إصدار القوانني أو القرارات بات باع سياسة ما تجاه مشكلة معي نة ألصبح األمر عبارة عن لعبة أطفال. ولكن يف الحقيقة يكمن الت عقيد الحقيقي يف مرحلة تطبيق الس ياسة املختارة ومتابعتها أو تحويل القرارات والت رشيعات إىل خطوات عملي ة قابلة للت نفيذ من أجل تحقيق أهداف صن اع القرار. ولذلك فتشمل عملي ة تطبيق الس ياسة خطوات عملي ة مثل توفري الت مويل الالزم للت طبيق وتعيني املوارد البرشي ة الال زمة ووضع خطط تفصيلي ة للعمل... إلخ. ومن أجل تطبيق سياسة ناجحة فال بد من: توفري الت مويل الال زم والكفاءات البرشي ة املدر بة. املزج بني الجوانب الت نظيمي ة والقانوني ة. املزج بني الفعل الحكومي وغري الحكومي. مراعاة الت وازن بني ضامن املشاركة الش عبي ة يف تطبيق الس ياسة العام ة وبني الحرص عىل تحقيق الس ياسة العام ة ألهدافها األصلي ة ال تي حد دها صانع القرار. يجب أن تكون املشكلة محل البحث والتي تعالجها الس ياسة املطب قة قابلة للقياس أو املتابعة. يجب أن يكون القانون أو القرار املت خذ واضح ا ومفهوم ا وغري قابل لاللتباس أو سوء الفهم. يعتمد نجاح الس ياسة العام ة عىل مجموعة من العوامل ذات طابع سيايس مثل: الت أييد الش عبي واألوضاع االقتصادي ة واالجتامعي ة واالهتامم اإلعالمي بها واالستجابات اإليجابي ة للقطاعات املجتمعي ة املختلفة. كام أن تطبيق سياسة ناجحة ال يكون إال عرب منحنني: إم ا من فوق إىل أسفل أو العكس. ويعتمد صن اع القرار يف هذا الت طبيق عىل 4 أدوات أساسي ة: الت وعية :Awareness تختلف من الت وعية واإلرشاد إىل إصدار املعلومات والت قارير إىل الد عاية واإلعالن واالستعالمات. الس لطة :Authority الت دخ ل املبارش للت نظيم والقيادة والت دخ ل باإلرشاف فقط ووضع معايري للمراقبة وضامن الجودة واستحداث لجان استشاري ة لتقديم توصيات. الخزانة : Treasury تقديم املنح والقروض وفرض رسوم عىل مستخدمي خدمة أو سلعة معي نة وفرض الرض ائب ومتويل مرشوعات معي نة. الت نظيم :Organization الت قديم املبارش للس لع والخدمات واستعامل املجتمع املحيل من قيادات محل ي ة أو منظ امت غري حكومي ة أو مبادرات تطو عي ة واالعرتاف الحكومي. وتنقسم هذه املرحلة إىل جزأين هام: مخرجات الس ياسة Policy Output وآثار الس ياسة.Policy Outcomes مخرجات الس ياسة :Policy Output ي عنى تقييم الس ياسة العام ة من ناحية الجوانب املاد ي ة امللموسة مبا تم إنجازه من الس ياسة العام ة املطب قة )األنشطة ال تي تم إنجازها وعدد العاملني القامئني عىل هذه الس ياسة...إلخ( مع تقييم الن تائج القابلة للمالحظة والقياس لهذه الس ياسة العام ة أي تقييم لإلجراءات ال تي ات خذتها الحكومة من أجل تنفيذ الس ياسة العام ة محل البحث. كام من املمكن ملخرجات الس ياسة العام ة أن تكون إجراءات أخرى ذات طابع معنوي أو رمزي. آثار الس ياسة :Policy Outcomes يعنى تقييم الس ياسة العام ة أيض ا مبا يعرف باسم»آثار الس ياسة العام ة«وهو دراسة آثار الس ياسة العام ة عىل املجتمع ككل. فبعبارة أخرى يجب أن ي عنى تقييم الس ياسة العام ة محل البحث مبدى تحقيقها ألهدافها املعلنة منذ بداية العمل عليها وكذلك مبدى مالءمتها أو عدم مالءمتها للقيم املجتمعي ة. - ٧ تعديل الس ياسة وإصالحها: عىل ضوء نتائج الت قييم الواردة يف املرحلة الس ابقة يتم تعديل الس ياسة وإصالحها بشكل يوفر ضامن تحقيق األهداف وحسن الت عامل مع الطوارئ والت غريات وتبد ل موازين القوى وردود األفعال. خصائص مشاكل السياسات العامة: التبادلية: فمشاكل السياسات العامة تؤثر وتتأثر ببعضها فهي متشابكة وذات أجزاء مرتابطة من نظام متكامل وليست منفصلة عن بعضها متام ا. الذاتية: مبعنى أن تصنيف الظروف الخارجية أو الداخلية التي تنشأ عنها مشاكل السياسات العامة -وتفسري تلك الظروف وتقييمها يتم وفق الخربات الذاتية أو الشخصية للقامئني بصياغة السياسات العامة أي أن لشخصية راسم السياسات العامة ومحللها واتجاهاته تأثري ا واضح ا يف تفسري مشاكل السياسة العامة وتحليلها وتحديد أسلوب معالجتها. الوضعية: أي أن مشاكل السياسات العامة يف الغالب تكون من صنع األفراد أو الجامعات فهي توجد أينام وجدت التجمعات البرشية. الديناميكية: ويقصد بها أن ملشاكل السياسات العامة حلوال بقدر التعاريف املحتملة لها مبعنى أنه ال ميكن الجزم بوجود حدود بي نة أو عالج محدد ألية مشكلة من مشاكل السياسات العامة.

21 أنواع مشاكل السياسات العامة: وفيام ييل نعرض مثاال لتحليل مشكلة تراكم القاممة بأحد املدن: ميكن أن منيز بني املشاكل وفق مداخل عديدة لعل أهمها: )أ( مدخل الشمولية ومدخل املوارد ومدخل البيئة )النطاق(. فمن حيث الشمولية ميكن تصنيفها إىل مجموعتني هام: املشاكل الخاصة واملشاكل العامة. فاملشاكل الخاصة: هي تلك املعاناة أو املطالب التي تخص شخص ا واحد ا من أفراد املجتمع فعدم حصول أحد أفراد املجتمع عىل دواء معني هي قضية متعلقة به فقط وال تهم غريه فهي إذن مشكلة خاصة كام أن ترسيح عامل وطرده من العمل هي قضية ال تخص أحد ا غري ذلك العامل. أما املشكلة العامة فهي تلك التي تتأثر بها مجموعة من األفراد وليس فرد ا واحد ا وكلام زاد عددهم احتلت مشكلتهم موضع أهمية لدى صانعي السياسات العامة ومنفذيها. ففي مثالنا أعاله لو أن مجموعة كبرية من املرىض مل يوفقوا للحصول عىل الدواء فإن ذلك ميكن أن يتحول إىل مشكلة عامة كذلك الحال لو أن عدد ا من املنظامت العامة أو الخاصة أو كليهام قامت بترسيح نسبة كبرية من العاملني فيها لظروف معينة فإن ذلك قد يخرجها من دائرة الخصوصية إىل دائرة الشمولية فتصبح قضية عامة. ومن املفيد االشارة إىل أن بعض القضايا الخاصة ميكن أن تتحول إىل قضايا عامة عندما تتوسع دائرة املتأثرين بها أو املتعاطفني معها فلو أن أحد اآلباء دفعه التذمر من قيام أحد املعلمني برضب ابنه يف قاعة الدراسة إىل االحتجاج لدى الجهات املعنية )كمديرية الرتبية( مثال أو ممثل منطقته يف املجلس الوطني فإن ذلك لن ي خرج تلك املشكلة من خصوصيتها لعدم إثارتها االهتامم من لدن راسمي السياسات العامة. ولكن لو أن هذا األب ترصف بشكل آخر واتصل بأولياء أمور التالميذ اآلخرين وأخربهم بأن أبناءهم سيكونون عرضة للرضب أيض ا إن مل يقوموا بعمل ما وأفلح يف إقناعهم بذلك وحصل عىل تأييدهم له وتعاطفهم معه واستطاع أن يرفع مذكرة باسمهم جميع ا إىل الصحافة والجهات الحكومية املعنية فتصل إىل راسمي السياسات العامة وكأنها مشكلة جامعية وذلك التساع دائرة املتأثرين بها عندئذ تتحول إىل قضية أو مشكلة عامة. أما من حيث )ب( مدخل املجال فيمكن تقسيمها إىل نوعني هام: )أندرسون: 79( 1999: املشاكل اإلجرائية: وهي تلك القضايا املتعلقة بكيفية قيام الحكومة وأجهزتها املتنوعة بتنظيم شؤونها وإدارة أعاملها وأنشطتها املتنوعة. املشاكل األساسية: وهي القضايا التي تتعلق باهتاممات أفراد املجتمع كحرية الرأي والتلوث البيئي واألجور واألمن الداخيل وغري ذلك. وميكن تصنيف املشاكل أو القضايا من حيث )ج( مدخل املوارد وتوزيعها إىل ثالث مجموعات هي: املشاكل التوزيعية: وهي التي تتعلق بكيفية توزيع املوارد بني األفراد أو الجامعات أو األقاليم مثل مطالب مدينة ما بالسيطرة عىل الفيضان وأخرى مبعالجة قلة املياه. املشاكل الداخلية: وهي القضايا التي تتعلق مبواطني الدولة ذاتها كذلك املتصلة بالصحة والتعليم واألمن الداخيل والرضائب والنقل واملواصالت والبيئة والزراعة وغريها. أولويات السياسات العامة: ال ميكن ألية دولة أو حكومة مهام كانت إمكاناتها املادية والبرشية ومواردها االقتصادية تلبية املطالب التي يتقدم بها مواطنوها أو معالجة جميع مشاكلهم مرة واحدة إمنا يتطلب ذلك تقديم األهم عىل املهم من املشاكل والقضايا وفق ا لجدول األسبقيات السياسية الذي ي عد بهدف تلبية هذه املطالب وحل املشكالت الواحدة بعد األخرى بحسب أهميتها أو درجة إلحاحها أو قوة الفئة أو املجموعة التي تتأثر بها أو بنتائجها. وعىل العموم فإن هناك مئات املشاكل أو املطالب التي ت ركن عىل الرف )تهمل( وال تدخل جداول األسبقيات مقارنة بالقليل منها التي يجري العمل عىل تبنيها واملفاضلة بينها وتحديد أولوية أو أسبقية كل منها عىل غريها يف جداول األولويات السياسية. وهو ليس جدوال مثالي ا أو منوذجي ا يوضع بصيغ أو قوالب جامدة إمنا يختلف من موقف آلخر ومن جهة ألخرى فجدول أعامل السلطة الترشيعية )الربملانات( قد ال مياثل جداول أعامل السلطتني التنفيذية والقضائية التي قد ال تتشابه مع جداول أعامل الحكومات املحلية للمحافظات أو األقاليم. وعىل العموم فإن أهم العوامل التي تساعد عىل إيصال القضايا واملطالب إىل جدول أولويات السياسات العامة تشمل: فقدان بعض الجامعات أو النخب مصالحها أو جزء ا منها ملصلحة جامعات أو نخب أخرى مام يؤدي بها إىل التحرك إلعادة التوازن لصالحها األمر الذي يستدعي قيام األجهزة الحكومية بنشاط إضايف ملواجهة ذلك ومن األمثلة عىل ذلك تحرك املنتجني املحليني إلقناع الحكومة بفرض رضائب جمركية عىل البضائع املستوردة للحد من منافستها ملنتجاتهم. قادة األحزاب السياسية وهم غالب ا ما يحاولون تبني املطالب العامة والعمل عىل إيصالها إىل أسامع صانعي القرار أو السياسات الستاملة جمهور املواطنني بهدف الحصول عىل تأييد الرأي العام. املشاكل الخارجية: وهي تلك التي ترتبط بعالقة الدولة مع الدول األخرى كدول الجوار أو غريها مثل مشاكل األنهار واملياه الدولية واملالحة البحرية والحدود اإلقليمية بني الدول والصيد يف البحار واألنهار الدولية والتهريب وغريها كثري

22 أهمية املشاكل أو املطالب وخطورتها: إذ إن بعض املشاكل متتاز بإلحاحها وكرة عدد املتأثرين بها وخطورة نتائج إهاملها مام يدعو املعنيني إىل إعطائها أولوية ضمن األسبقيات التي ال مفر من اتخاذ اإلجراءات الرسيعة ملعالجتها كالكوارث الطبيعية من أمطار وفيضانات وزالزل وظهور األوبئة واألمراض املعدية فجأة يف منطقة ما. املطالب أو القضايا التي تثريها املعارضة السياسية أو اإلرضابات التي تنظمها بعض الفئات املهنية كإرضاب عامل املوانئ واملطافئ أو املناجم وغريها مام يوصل قضاياهم ومطالبهم مبارشة إىل أسامع صانعي السياسات العامة ووضعها يف جداول األولويات. وسائل اإلعالم املتنوعة املقروءة واملسموعة واملرئية وهي تلعب دور ا مهام يف إيصال بعض القضايا واملطالب إىل أسامع راسمي السياسات العامة وعرضها عىل جداول األولويات. وال بد من اإلشارة إىل أن املشاكل العامة ال تصل كلها إىل راسمي السياسات العامة وال تأخذ طريقها إىل جداول أولوياتهم ألسباب عديدة منها: - تعارض بعض املطالب أو القضايا مع االعتبارات أو القيم واملبادئ التي يؤمن بها املعنيون من راسمي السياسات العامة ومنفذيها. - سيطرة جامعة معينة أو فئة ما عىل املؤسسات الحكومية ووسائل االتصال الجامهريي واألحزاب السياسية خصوص ا يف الدول النامية. - الجهل وعدم الوعي أو النضج السيايس واالجتامعي للغالبية من أفراد املجتمع مام يجعلهم عاجزين عن فهم مشاكلهم والتعبري عن قضاياهم واستخدام السبل الناجحة إليصالها إىل املعنيني. وأخري ا فإن من املناسب التنويه إىل أن السياسات العامة ليست محصورة دوم ا عىل ما تنفذه الحكومة من أعامل وما ترشعه من لوائح وأنظمة وقوانني بل تشمل أيض ا ما تهمله أو متتنع عن فعله أو ترشيعه. صانعو السياسات العامة: وهم األفراد أو الجامعات والجهات )الرسمية وغري الرسمية( الذين يشاركون يف رسم السياسات العامة بصورة مبارشة وعليه فإنه ميكن تقسيم األطراف التي تشارك يف صنع السياسات العامة إىل نوعني رئيسيني هام: األطراف الرسمية الحكومية. األطراف غري الرسمية. أوال : الجهات الرسمية الحكومية وهم األفراد الذين لديهم الصالحيات التي تسمح لهم باملشاركة يف صنع السياسات العامة مثل أعضاء السلطة الترشيعية والتنفيذية والقضائية واإلداريني اآلخرين من العاملني يف األجهزة الحكومية الذين يساهمون يف اتخاذ القرارات وتنفيذ السياسات العامة بطرائق ودرجات متفاوتة. وعليه ميكن تقسيم األطراف الرسمية إىل اآليت: السلطة الترشيعية: تعد السلطة الترشيعية من أهم املنظامت الرسمية الحكومية التي تضطلع أساس ا بترشيع اللوائح واألنظمة والقوانني ووضع القواعد العامة التي تنظم مختلف أوجه الحياة السياسية واالقتصادية واالجتامعية والصحية وغريها يف الدولة. السلطة التنفيذية: وتضم األفراد العاملني باملؤسسات والهيئات واللجان واألجهزة اإلدارية الحكومية املتنوعة والتي غالب ا ما تضطلع بتنفيذ السياسات العامة غري أن دورها يف رسم السياسات العامة ال ميكن إخفاؤه بأي حال من األحوال إذ إن الشعوب تعيش عرص هيمنة السلطة التنفيذية بسبب االعتامد بشكل كبري عىل القيادة التنفيذية يف رسم السياسات العامة وتنفيذها. السلطة القضائية: املقصود بها املحاكم سواء كانت عىل مستوى الدول أو عىل مستوى املحافظات أو األقاليم أو الواليات. وهي تضطلع مبهمة صياغة وتفسري النصوص القانونية ومدى مطابقة األنظمة واللوائح والقوانني مع دستور الدولة النافذ. الجهات غري الرسمية )غري الحكومية( إن عملية رسم السياسات العامة ال تنحرص فقط يف مشاركة الجهات والقوى الرسمية بل هناك جهات أخرى تصنف عىل أنها حكومية )غري رسمية( تشارك هي األخرى بحظ وافر يف التأثري عىل صانعي السياسات العامة ومنفذيها ومن هذه الجهات عىل سبيل املثال ال الحرص: الجامعات )الضاغطة( األحزاب السياسية املواطنون )الرأي العام( وفيام ييل توضيح لكيفية تأثري هذه الجهات يف صنع السياسات العامة. الجامعات الضاغطة: تعرف الجامعات الضاغطة بأنها مجموعة من األفراد يلتقون يف أهداف وصفات أو خصائص معينة يسعون إلحداث التأثريات املطلوبة يف السلوك الذي يتخذه صناع القرار تجاه قضاياهم ومطالبهم وتوجيهه لتحقيق مصالحهم املشرتكة مثل االتحادات املهنية )اتحاد الصناعات غرف التجارة نقابة املحامني...إلخ( ونقابات العامل. إن وجود قنوات مشرتكة لالتصال الرسمي وغري الرسمي بني هذه الجامعات وبني راسمي السياسات العامة ي عد مسألة أساسية إليصال مطالبهم وقضاياهم بالرسعة والكيفية املطلوبتني وإقناع راسمي السياسات العامة برضورة مطالبهم وقضاياهم وأهميتها إلدراجها ضمن مشاريع ولوائح السياسات العامة. أما أساليب الضغط التي متارسها هذه الجامعات للتأثري عىل راسمي السياسات العامة فإنها تتباين من نظام سيايس آلخر ومن دولة ألخرى منها: وجود من ميثلها لدى الجهات الرسمية عند مناقشتها للوائح ومشاريع السياسات العامة. التأثري عىل الرأي العام واستاملته للضغط عىل السلطتني الترشيعية والتنفيذية لصالحها أو تحييده عىل األقل إلمرار مشاريعها دون معارضة تذكر. األحزاب السياسية: يعرف الحزب بأنه: «تنظيم سيايس له صفة العمومية والدوام وله برنامج يسعى مبقتضاه للوصول إىل السلطة«. إن تأثري األحزاب السياسية يف رسم السياسات العامة ميكن أن يتم خارج نطاق السلطة أو داخله إذ إن األحزاب السياسية تقوم مبجموعة من الوظائف منها: بلورة املطالب والقضايا العامة التي تناقش عند رسم السياسات العامة وإثارة الرأي العام حولها ومحاولة إقناع املواطنني بتبني املواقف التي تتخذها هذه األحزاب للضغط عىل الحكومة كام تعد وسيلة من وسائل الرقابة السياسية عىل النشاط الحكومي. أما الشكل اآلخر للتأثري يف صنع السياسات العامة فهو عندما تستلم 43 42

23 45 44 هذه األحزاب زمام السلطة أو مقاليد الحكم فإنها تقوم بتشكيل السلطة أو تجديد بنيتها أو تغيريها وتحديد مساراتها وتوجيه عملية رسم السياسات العامة طبق ا للفلسفة التي تتبناها والتوجهات الفكرية التي تؤمن بها. وبشكل عام فإن األحزاب السياسية -سواء كانت خارج السلطة أم داخلها- تقوم بدور املراقب بعضها عىل البعض. عمليات رسم السياسات العامة: ال تتميز عملية رسم السياسات العامة بالبساطة ووضوح املعامل وإمنا هي عملية معقدة تشارك يف صياغتها أطراف وجهات متعددة داخلية وخارجية لكل منها قيم ومبادئ ومصالح ال تنسجم مع اآلخر كال او جزء ا كام أن طرق صناعة السياسات العامة هي األخرى متعددة ومتباينة بحسب تباين االعتبارات والجهات املشاركة يف صنعها. إن عملية رسم السياسات العامة ال ميكن فهمها ما مل يؤخذ بعني االعتبار: - معرفة وتحديد القضايا واملشاكل العامة الناجمة عن مطالب ورغبات املواطنني غري املجابة واملشبعة. - تحديد بدائل السياسات العامة بعد جمع املعلومات والحقائق واستشارة الجهات املعنية أو ذات املصلحة الحقيقية باملشكلة قيد الدراسة وتشكيل لجان عىل مستوى الجهاز الترشيعي )الربملان( أو الجهاز التنفيذي )الوزارات( لتقي املعلومات وسامع آراء الخرباء واملختصني من فنيني وإداريني وقضاة ويتم تحديد مجموعة من البدائل املحتملة لتحقيق األهداف العامة املوضوعة لها وتلبية حاجات ورغبات املواطنني يف حدود املوارد املتاحة واملخصصة لكل منها. - اختيار السياسة املناسبة: يف هذه املرحلة تجري عملية ومناقشة كل بديل من بدائل السياسات العامة املقرتحة التي قد تكون عىل شكل برامج أو مشاريع للخدمات العامة أو مسودات ولوائح لأنظمة والقوانني التي يراد إصدارها ملعالجة موضوع معني أو استثامر فرصة ما أو تجنب تهديد معني وغري ذلك. إذ تخضع بدائل السياسات العامة املقرتحة للنقاش داخل املؤسسة الحكومية وفق دساتري الدول واملبادئ أو القواعد املتعارف عليها فضال عن املناقشة التي تجرى حولها يف املؤمترات العامة أو الخاصة باألحزاب والجامعات املصلحية والحمالت االنتخابية ووسائل اإلعالم املتنوعة. إذ يؤدي هذا التفاعل إىل اختيار أحد البدائل املطروحة بوصفه معرب ا عن السياسة العامة األكر قبوال من قبل األطراف املستفيدة واملعنية برسم السياسات العامة. الخالصة: إن أهم التحديات التي تواجه صانعو السياسات العامة هي تلك التي تتمثل يف إدراك مشاكل املواطنني واالستجابة لها بالكيفية التي تحقق أعىل درجات الرضا وتقديم أفضل الخدمات املمكنة لهم مع األخذ بنظر االعتبار األسبقيات أو تقديم األهم عىل املهم عند التعامل مع حل املشاكل أو تلبية طلبات املواطنني خصوص ا عند عدم كفاية املوارد املادية والبرشية واملالية وغريها. إن عملية صنع السياسات العامة ليست باألمر اليسري فقد و جد أن هناك العديد من الجهات التي تشارك يف هذه العملية كاألحزاب السياسية والجامعات املتنفذة والنخب االجتامعية واالقتصادية والسياسية والشخصيات الدينية والقانونية والسياسية وعامة املواطنون إضافة إىل القيادات اإلدارية مبستوياتها املتنوعة املتواجدة يف جميع أجهزة الدولة ذات الصلة بصنع السياسات العامة كالجهاز الترشيعي والتنفيذي والقضايئ. حيث إن عملية صنع السياسات العامة متر بالعديد من املراحل منها: معرفة مطالب ورغبات املواطنني غري املشبعة أو الكامنة ومن ثم تحديد البدائل أو األولويات أو وضع جدولة زمنية لهذه املطالب بحسب املتاح من املوارد املتنوعة واإلمكانات املتوفرة ألجهزة الدولة ذات الصلة بهذه املطالب والرغبات وصوال إىل الخطوة األخرية التي تتمثل يف اختيار السياسة أو السياسات العامة التي ينجم عنها حل املشكلة أو إجابة واحد أو أكر من مطالب املواطنني. عجز السوق -عجز الحكومة الفرصة البديلة: السوق: مكان تالقي البائعني واملشرتين الراغبني يف بيع ورشاء سلعة أو خدمة ما. ويعرف السوق بأنه الحيز أو املكان الذي يلتقي فيه بائعو السلع أو الخدمات مع مشرتيها سواء أكان هذا اللقاء يف املكان نفسه أو عرب وسائل االتصال وهذا الحيز ميكن أن يكون قرية أو حي ا أو مدينة أو قطر ا أو إقليام وقد يشمل العامل بأرسه. ويف النظرية الكالسيكية السوق مكان نظري حيث يتقابل العرض مع الطلب وتتحدد األسعار يف ضوء العالقة بينهام. ويهدف الدليل لتعريف املشاركات ببعض املصطلحات املستخدمة املرتبطة برسم السياسات العامة خاصة املفاهيم االقتصادية. عجز السوق - عجز الحكومة: قضية التدخل الحكومي أو كام تعرفها األدبيات دور الدولة من القضايا الجدلية التي احتلت -وما تزال- مساحة معنوية من النقاشات سواء عىل املستوى األكادميي أو عىل مستوى صناعة السياسة االقتصادية لذا وجب تحليل األدبيات الخاصة بدور الدولة أو بصورة أكر تحديد ا التدخل الحكومي يف الحياة االقتصادية يف ظل التغري الذي طرأ عىل االقتصاد املرصي بالتحول نحو اقتصاد يجمع بني صفات االقتصاد الرأساميل مع التزام تحمل الدولة مسؤولياتها االجتامعية لحامية محدودي الدخل. من األسايس أن نقدم يف هذا املستوى من التحليل جملة من التعاريف العلمية للسوق والعرض والطلب وتوازن السوق. قانون العرض والطلب: الطلب: هو كمية السلع أو الخدمات التي يرغب املستهلكون يف الحصول عليها عند كل مستوى مرتقب من األسعار وذلك يف مدة زمنية محدودة. ولذلك يسعى املستهلك إىل تحقيق أكرب قدر من اإلشباع واملنفعة عن طريق الكيفية التي يوزع بها دخله للحصول عىل مختلف السلع والخدمات. قانون الطلب: كلام انخفض الثمن زادت الكمية املطلوبة والعكس صحيح. محددات الطلب: الطلب يزداد بزيادة عدد السكان والزيادة تكون إما ب : مواليد جدد: يزداد الطلب عىل سلعة معينة مثل الحليب أو يزداد الطلب عىل سلع معينة مثل السكن بزيادة عدد السكان ينتقل املنحنى )منحنى الطلب( بأكمله إىل اليمني. بنقص عدد السكان ينتقل املنحنى )منحنى الطلب( بأكمله إىل اليسار. أحد القوانني األساسية يف علم االقتصاد يؤدي دور ا أساسي ا يف تحديد األسعار وتشكل األسواق ومن ثم يؤثر ويتأثر باملنفعة املتحققة واإلنتاج واالستهالك والدخل القومي والنمو االقتصادي العام.

24 العرض: هو كمية السلع أو الخدمات التي يعرضها منتجوها عند كل مستوى مرتقب من األسعار يف مدة زمنية محددة. تسعى كل منشأة إىل تحقيق أكرب كمية من اإلنتاج بالحد األدىن من التكاليف وذلك عن طريق الكيفية التي تستخدمها لتجميع عوامل اإلنتاج ومستلزماته وتسخريها يف العملية اإلنتاجية. وبافرتاض ثبات املستوى التكنولوجي وحجم املنشأة ووضع املنافسني اآلخرين والرضائب واإلعانات والظروف املناخية السائدة ومستوى التأهيل السائد يف الزمن القصري فإن العالقة التابعية )العرض/السعر( عىل منحنى العرض هي عالقة طردية أي بقدر تزايد السعر تتزايد الكمية املعروضة والعكس أيض ا صحيح. قانون العرض: كلام ارتفع الثمن كلام زادت الكمية املعروضة والعكس صحيح. محددات العرض: عدد املنتجني: كلام زاد عدد املنتجني كلام زادت الكمية املعروضة وهذا يؤدي النتقال منحنى العرض بأكمله إىل اليمني والعكس. أسعار عنارص اإلنتاج: عنارص اإلنتاج )رأس املال العمل األرض( كلام ارتفعت أسعار عنارص اإلنتاج كلام زادت التكاليف ونقصت الكمية املعروضة وبذلك ينتقل منحنى العرض بأكمله لليسار. الرضائب واإلعانات: تأثري الرضائب/يؤدي إىل ارتفاع التكاليف وانخفاض الكمية املعروضة وانتقال املنحنى بأكمله لليسار. اإلعانات والدعم )لدعم صناعات جديدة( : تؤدي النخفاض التكاليف وزيادة الكمية املعروضة وانتقال املنحنى بأكمله لليمني. نقص الطلب: انخفاض سعر التوازن وانخفاض كمية التوازن. مراقبة األسعار: تقوم الحكومة يف بعض األحيان بالتدخل يف نظام السوق من أجل تحقيق أهداف اجتامعية أو اقتصادية معينة كتحديد حد أدىن للرواتب أو تحديد أسعار السلع الغذائية األساسية. ويتم هذا من خالل تحديد سقف سعري أو أرضية سعرية وهذا بدوره يقلص الدور املهم الذي تقوم به قوى السوق )تفاعل العرض والطلب( يف الوصول إىل وضع توازن السوق. 1- سقف سعري: تقوم الحكومة بفرض حد أعىل للسعر ال ميكن للبائع أن يتجاوزه لكن يستطيع البيع بأي سعر أقل من السقف السعري املحدد من الحكومة. السقف السعري أعىل من سعر التوازن: نفرتض يف هذه الحالة أن السعر املحدد من الحكومة أعىل من سعر التوازن فإن الكمية املعروضة أكرب من الكمية املطلوبة أي أن هناك فائض عرض. يف حالة عدم تدخل الحكومة فإن فائض العرض ميكن التخلص منه عن طريق انخفاض السعر ويف حالة السقف السعري فإنه من املمكن للبائع أن يعرض السلعة ويبيعها بأقل من السعر الحكومي املحدد وبالتايل ينخفض السعر إىل أن يصبح )السعر التوازين(. السقف السعري أقل من سعر التوازن: إذن إذا فرضت الحكومة سقف ا سعري ا أقل من سعر التوازن فإن ذلك سيؤدي إىل نقص السلعة )فائض طلب( وظهور السوق السوداء. إذا فرضت الحكومة سقف ا سعري ا أعىل من سعر التوازن فإن ذلك ليس له أي تأثري عىل توازن السوق الطلب: هو كمية السلع أو الخدمات التي يرغب املستهلكون يف الحصول عليها عند كل مستوى مرتقب من األسعار وذلك يف مدة زمنية محدودة. ولذلك يسعى املستهلك إىل تحقيق أكرب قدر من اإلشباع واملنفعة عن طريق الكيفية التي يوزع بها دخله للحصول عىل مختلف السلع والخدمات. قانون الطلب: كلام انخفض الثمن زادت الكمية املطلوبة والعكس صحيح. محددات الطلب: الطلب يزداد بزيادة عدد السكان والزيادة تكون إما ب: مواليد جدد: يزداد الطلب عىل سلعة معينة مثل الحليب أو يزداد الطلب عىل سلع معينة مثل السكن بزيادة عدد السكان ينتقل املنحنى )منحنى الطلب( بأكمله إىل اليمني. بنقص عدد السكان ينتقل املنحنى )منحنى الطلب( بأكمله إىل اليسار. التوازن يف السوق: التوازن: تساوي الكمية املعروضة مع الكمية املطلوبة عند سعر معني. أثر التغري يف العرض والطلب عىل توازن السوق تغري ظروف الطلب وبقاء العرض. زيادة الطلب: 1. زيادة الدخل. 2. زيادة عدد السكان. 3. زيادة السعر. 2- أرضية سعرية: أرضية سعرية: فرض حد أدىن للسعر ميكن البيع بأكر منه وال ميكن البيع بأقل منه. تقوم الحكومة بفرض حد أدىن للسعر ال ميكن للبائع أن يبيع بسعر اقل منه لكن يستطيع أن يبيع السلعة بسعر أعىل من األرضية السعرية املحددة من الحكومة. أرضية سعريه أعىل من سعر التوازن: لنفرتض أن الحكومة قامت بتحديد أرضية سعرية يف هذه الحالة فإن الكمية املعروضة أكرب من الكمية املطلوبة أي أن هناك فائض عرض. يف حال عدم تدخل الحكومة يف السوق فإنه ميكن تقليص فائض العرض عن طريق انخفاض السعر لكن يف ظل نظام األرضية السعرية فإنه ال ميكن للبائع أن يعرض أو يبيع سلعته بسعر أقل من السعر الحكومي. أرضية سعرية أقل من سعر التوازن: بافرتاض أن السعر املحدد يف هذه الحالة أقل من السعر التوازين فإن الكمية املطلوبة أكرب من الكمية املعروضة عند السعر الحكومي أي أن هناك فائض طلب. يف حال عدم تدخل الحكومة يف السوق فإنه ميكن تقليص فائض الطلب عن طريق ارتفاع السعر. ويف ظل نظام األرضية

25 السعرية فيمكن للبائع أن يعرض أو يبيع سلعته بسعر أعىل من السعر الحكومي. وبالتايل يرتفع السعر التوازن حيث ال يوجد فائض عرض أو طلب. إذن إذا فرضت الحكومة أرضية سعرية أعىل من سعر التوازن فإن هذا سيؤدي إىل وجود فائض يف السوق. إذا فرضت الحكومة أرضية سعرية أقل من سعر التوازن فإن ذلك ليس له أي تأثري عىل توازن السوق. يف حالة فرض الحكومة أرضيه سعرية ميكن البيع بأكر منه وال ميكن البيع بأقل منه. التوازن يف سوق اإلنتاج: ترى أن القوانني االقتصادية أشبه بقوانني الطبيعة الكونية وهو ما يعني أن التدخل من قبل اإلنسان يف عمل هذه القوانني لن يرتتب عليه سوى عرقلة هذه القوانني. وباختالف الكتابات منذ أدم سميث وحتى فريدمان وهايك وغريهم فإن فكر خذه املدرسة يؤسس رفضه للتدخل الحكومي عىل األساس أو باألصح الفرضيات التالية: - ١ الحرية االقتصادية واملنافسة هي الضامن لتحقيق أهداف املجتمع إذ إن اقتصاد السوق الخايل من التدخل هو األكر كفاءة يف عملية تخصيص املوارد. - ٢ فرضية كامل األسواق perfection( ( market ففي ظل فرضية كامل األسواق فإن آليات السوق الحر هي التي تحقق مصلحة الفرد والجامعة مع ا إذ يتم اإلنتاج عند أقصاه وبأقل تكلفة. - ٣ انسياب وتوافر املعلومات يف بيئة ذات درجة عالية من الشفافية والوضوح. - ٤ التناغم بني مصلحة الفرد واملصلحة العامة. ويؤسس هذا التيار الفكري فكرته املعارضة للتدخل الحكومي عىل مجموعة من املبادئ األساسية حول الدور الحكومي والتي تتمثل فيام ييل: - ١ إذا زاد األجر املطلوب من العامل تنخفض الكمية املطلوبة من عدد العامل. - ٢ إذا انخفض أجر العامل زادت الكمية املطلوبة من العامل. كلام زاد األجر كلام زاد عرض العامل. التدخل الحكومي ودور الدولة: الكتابات والجدل األكادميي: من األهمية مبكان التأكيد عىل أن هذا القسم من الورقة لن يتطرق إىل عرض املدارس الفكرية املختلفة فيام يتعلق بدور الدولة يف الحياة االقتصادية عىل نحو ما تحتويه الكتب الدراسية. فالفكرة األساسية التي يتناولها هذا القسم من الدراسة هو تحليل الحجج املختلفة املؤيدة واملعارضة للتدخل الحكومي بحيث ينتهي باملالمح األساسية ملحاور االتفاق بني األدبيات املختلفة حول ماهية هذا الدور. وبالنسبة للتيارات األكادميية األساسية حول حدود التدخل الحكومي فإنه ميكن التمييز بني ثالثة تيارات أساسية هي: التيار الرافض للتدخل الحكومي والتيار املؤيد للتدخل الحكومي والتيار الذي يرى وجوب التدخل مع تحقيق انسجام بني آليات التدخل الحكومي وآليات السوق عىل نحو يكمل كل منهام األخر دون تعارض. التيار الرافض للتدخل الحكومي: التدخل الحكومي غري رضوري إذ إن ما ميكن أن تقوم به الدولة يستطيع القطاع الخاص القيام به. التدخل الحكومي غري فعال إذ ما ميكن أن تقوم به الدولة يستطيع القطاع الخاص القيام به بصورة أفضل. التدخل الحكومي يقرتن دامئ ا بنقص يف رفاهية األفراد أو عىل األقل تقليل مستويات النشاط االقتصادي من خالل تحويل جزء من املوارد الخاصة من مجموعة ما لصالح مجموعة أخرى من الناس عادة ما يكون ملجموعة غري مستحقة Hope( 1989(. إميان ا بتلك الفرضيات واملبادئ تبلور دور الدولة يف الحياة االقتصادية فيام يعرف بالحد األدىن للتدخل الحكومي والذي يطلق عليه التدخل الكالسيي ) Tanzi2000 ( والذي يقترص عىل: - ١ حفظ النظام واألمن والعدالة واستقرار العالقات السياسية الخارجية. - ٢ تسجيل وتنفيذ تلك العقود enforcement(.)contract - ٣ حامية حقوق امللكية rights(.)property - ٤ حامية املنافسة مبعنى توفري املناخ املالئم للمنافسة. - ٥ الشفافية وتوفري املعلومات. وما ميكن استشعاره من هذه الوظائف أن الدولة مل يعد لديها دور مبارش يف العملية اإلنتاجية provider( )direct وإمنا يشبه دور الدولة وفق ا للتصور الرافض للتدخل. من األمثلة عىل ذلك ما حدث إبان أزمة الكساد الكبري يف الثالثينيات من القرن العرشين حيث رأى رموز التيار الرافض للتدخل الحكومي أن لقوى السوق ما ميكنها تلقائي ا من العودة إىل أوضاع التوازن والنمو مرة أخرى إذ إن انخفاض األجور الحقيقية كفيل بتشجيع قطاع األعامل بتشغيل العاملة ومن ثم اإلنتاج والخروج من أزمة الكساد. لكن الحقيقة املرة التي مل يدركها مؤيدو هذا التيار أن االقتصاد مل يخرج سوى مبساندة فعالة وتدخل رصيح للدولة كام يف تجربة روزلفت يف الواليات املتحدة والتي أيدتها التوصيات الكينزية يف نظريته العامة أما الفريق الرافض للتدخل الحكومي يف الشؤون االقتصادية فتمثله املدرسة الكالسيكية school( )classical أو الكالسيكية الجديدة.)New-Classical( ومتتد جذور هذه املدرسة الفكرية إىل مدرسة الطبيعيني الفرنسية )الفيزوقراط( والتي كانت ولعل هذا الطرح يرضب منوذج ا حديث ا نسبي ا إلحدى هذه التوصيات تم اقرتاحها من خالل أحد أبرز رموز هذا التيار وهو ميلتون فريدمان.)friedman( فقد اقرتح فريدمان ما يعرف بنظام الكوبونات التعليمية voucher( efucation

26 )system والذي مبوجبه يصبح ألولياء األمور القرار الحقيقي يف استهالك خدمة التعليم. فوفق ا لنظام البطاقات تقوم الحكومة بتقديم التمويل املخصص للتعليم مبارشة إىل مستهلي الخدمة )الطالب( وليس إىل منتجي الخدمة )املدارس( ومن ثم يصبح للطالب )أو ويل األمر( الحرية يف اختيار املدرسة املناسبة ألبنائهم وعىل أساس أن هذا النظام سيعزز القدرة التنافسية للمدارس حيث تتنافس املدارس الجتذاب الطالب للحصول عىل قيمة الكوبون وهو يحقق وفق ا لتصور فريدمان تحدي ا لعدم كفاءة املدارس الحكومية حيث أن تنافس املدارس يؤدي إىل تخفيض التكاليف ويزيد من جودة التعليم wong(.)2002 Leed and كام أن النظام الذي اقرتحه فريدمان كام يراه يسمح للطلبة الفقراء بااللتحاق باملدارس الخاصة وعىل الرغم من وجاهة فكرة فريدمان إال أن عملية التطبيق الفعيل لهذا املقرتح عندما اصطدم هذا االقرتاح بالواقع مل تكن تنفذ بالصورة املبسطة لفكرة فريدمان إذ اقترص تنفيذه يف كثري من األحيان عىل الفئات الفقرية groups( )disadvantage كام أن اعتبارات كثرية -مثل البعد أو القرب وطبيعة العالقة بني الحكومة واملدارس الخاصة واألطر الترشيعية واملؤسسة للعملية التعليمية- قد أثرت بشكل كبري عىل التطبيق الفعيل. هذه األمثلة ال تعكس سوى الفجوة بني األطر النظرية املجردة وحدود التطبيق الفعيل. باختصار فإنه وإن كان هذا التيار الفكري قد حدد التدخل الحكومي عند حده األدىن فإن ما طرحه ملواطن التدخل الحكومي وإن بدا محدود ا فإن عىل مستوى التطبيق الفعيل قد تعدى تلك الحدود مبراحل. فكام يقال فإن الحجم األدىن والكفء للتدخل الحكومي قد منا بصورة معنوية مع التطور املجتمعي وتعقد الحياة االقتصادية والذي تبلوره اآلن ما يعرف بالعوملة االقتصادية للمعامالت.)1999 economic globalization) (reinert( التيار الفكري املؤيد للتدخل الحكومي: حفلت النظرية االقتصادية يف تيارها األسايس )mainstream( بالفحص لحجج الحد األدىن للتدخل الحكومي. فإذا كانت املدرسة الكينيزية أو الكينيزية الجديد keynesian( )new قد عارضت فكرة الحد األدىن لتدخل الدولة عىل الرغم من إميانها مببادئ نظام السوق واملنافسة فإن أدبيات الرفاهة االقتصادية -وخاصة أدبيات الفشل السوقي failure( -)market قد سيطرت عىل النقاش األكادميي حول دور الدولة يف الحياة االقتصادية. ويعرف الفشل السوق بأنه الحالة التي يفشل فيها نظام السوق يف تحقيق رشوط األمثلية لباريتو optimality( )pareto عند تخصيص املوارد. يعرف الوضع األمثل لباريتو بأنه الوضع الذي إذا تم الوصول إليه ال ميكن إعادة تخصيص املوارد مرة أخرى بحيث ميكن تحسني حال فرد )أفراد( دون اإلرضار بفرد )أفراد( آخر )آخرين(. وبصورة أكر تحديد ا فإن فكرة الفشل السوقي يف أدبيات الرفاهة تخص فكرة الكفاءة يف تخصيص املوارد أي أنها ال ترتبط بفكرة العدالة يف التوزيع. ووفق ا ألدبيات الرفاهة االقتصادية فثمة مجموعة من األسباب التي لو توافرت ألدت إىل عدم الوصول إىل الوضع األمثل لتخصيص املوارد هذه األسباب ميكن أن نجملها يف ثالثة عوامل أساسية: - ٢ الخارجيات أو ما يطلق عليه اآلثار الخارجية ويقصد بالخارجيات تلك اآلثار االقتصادية )مستهلك أو منتج( نتيجة ترصفات قامت بها وحدات أخرى عىل سبيل املثال تلوث مياه الرشب نتيجة مخلفات املصانع أو الضوضاء التي يعاين منها الفرد نتيجة استامع فرد آخر ملوسيقى بصوت. - ٣ السلع goods(.)public فتمثل حالة تناقص التكلفة سبب ا للتدخل الحكومي إذ إن التوازن الناجم عن حالة تناقص الغلة يف تطبيق مبادئ التسعري الحدي )وهو التسعري الذي يحقق الكفاءة( سوف يؤدي إىل خسارة للمنتج حيث يكون منحنى التكلفة املتوسطة أعىل من منحنى التكلفة الحدية وهي حالة ما ي عرف باالحتكار الطبيعي. األمر كذلك يف حالة وجود آثار خارجية سواء اإليجابية منها أو السلبية والتي متثل حالة من األسواق غري الظاهرة markets(.)missing إذ يفشل نظام السوق يف تحقيق الكفاءة يف اإلنتاج يف ظل وجود هذه اآلثار مام يستوجب التدخل من خالل آليات مختلفة كالدعم أو الرضائب أو حتى التدخل بالردع القانوين إىل غري ذلك من أدوات التدخل الحكومي. كذلك أشارت أدبيات الرفاهة االقتصادية إىل أن وجود ما يعرف بالسلع العامة متثل هي األخرى حالة من الحاالت التي تستوجب التدخل الحكومي إذ إن السلع العامة بطبيعتها ال تجتذب القطاع الخاص إلنتاجها. فمن خصائص السلع العامة أن جميع املستهلكني يشرتكون يف استهالكها دون تحديد نصيب كل فرد عىل حدة consumption( )non-rival in كام أن التكلفة الحدية cost( )marginal لتوفريها للشخص الحدي تساوي صفر ا وهو ما يعني أن التسعري الحدي يقتي أن تقدم السلعة أو الخدمة دون مقابل. املربر الثاين للتدخل الثاين وفق ا لأدبيات املختلفة هو االعتبارات التوزيعية. إذ ينتقد نظام السوق عىل أساس عدم مراعاة اعتبارات العدالة يف توزيع الدخل. إذ يستند اإلطار العام بنظام السوق عىل فرضية ضمنية أن لدى جميع األفراد القدرة عىل النفاذ لأسواق أو املشاركة يف العملية اإلنتاجية. ومن ثم فإن وجود فئات ال تستطيع الحصول عىل الحد األدىن من احتياجاتها مل ت لق النظرية له باال. وميثل ذلك حالة من الفشل السوقي ولكن عىل مستوى التوزيع وهو ما يربر التدخل الحكومي لحامية تلك الفئات املحرومة والتي ال تستطيع أن تحصل عىل الحدود الدنيا الستهالكها أو التي ال تستطيع املشاركة يف العملية اإلنتاجية. هذه التربيرات النظرية للتدخل الحكومي مل تسلم هي األخرى من االنتقادات وباملثل انتقدت فكرة التدخل من أجل توفري السلع العامة نظر ا ألنهم يرون أن هذا املفهوم مبهم ومتغري وأن ما جرى العرف عىل اعتباره سلع ا أو خدمات عامة قد تم توفريها بواسطة القطاع الخاص. بل يذهب املتشددون من أصحاب الفكر الليربايل إىل رفض مفهوم السلع العامة ذاته hope( 1989( كذلك فإن حجة العدالة التوزيعية باعتبارها مربر ا رئيسي ا أيض ا لتدخل الدولة سواء يف اإلنتاج أو التوزيع مل تخل هي األخرى من تحفظات: التحفظ األول هو عدم وضوح مفهوم املساواة أو العدالة فهناك مفاهيم متعددة للعدالة تختلف من مؤسسة ألخرى ومن قطاع آلخر ومن فرد آلخر مثال ذلك أن البائعني يف السوق يرون أن من العدالة أن يكون السعر متناسب مع الرغبة يف الدفع بينام القامئني عىل التعليم يرون رضورة أن تكون الفرص التعليمية عىل أساس القدرة بينام األطباء يرون أنه من العدالة أن يتم توزيع املوارد الطبية عىل أساس االحتياج ١ غياب املنافسة يف السوق competition( )imperfect والذي يعود إىل غياب عنارص املنافسة التي قد تنتج عىل سبيل املثال- عن خضوع اإلنتاج لتزايد الغلة )تناقص التكلفة( املعلومات املتضاربة أو املتضادة Asymmetric(.)information التحفظ الثاين هو أنه قد تكن األولوية يف بعض األحيان للمساواة يف مجال عن غريه فاملساواة يف الحصول عىل خدمات التعليم والصحة يف مرحلة الشباب مسألة أساسية لتحقيق املساواة يف الحصول عىل فرصة عمل بينام الرضيبة التصاعدية تصمم فقط لتحقيق التساوي بالنسبة للمخرجات ugaz( 2003(. كذلك ينتقد أصحاب التيار الحر فكرة التدخل اعتامد ا عىل مفهوم الفشل الحكومي يف مقابل الفشل السوقي الذي أشارت إليه األدبيات املنادية بالتدخل. ويرى أنصار هذا االتجاه رضورة وجود األسواق لتعويض عدم كفاءة الحكومات أو

27 53 52 ما يعرف بالفشل الحكومي والذي يعود وفق ا لهذا االتجاه ملا ييل من األسباب: الرشادة املقيدة rationality( )bounded والتي تعود بصورة أساسية إىل نقص يف املعلومات عن سعر السلعة أو الخدمة يف السوق. املشكلة الثانية والخاصة بالتدخل الحكومي تتلخص يف التنافس بني القامئني يف السلطة عىل ما يسمى عائد األنشطة الريعية seeking(.)rent فإن سيطرة البريوقراطية الحكومية غالب ا ما تنتهي بانتشار الفساد يف الجهاز اإلداري أو عىل األقل تكوين جامعات أصحاب املصالح يف الحكومات األقل فساد ا. عندما تكون تكلفة توفري الخدمة العامة أعىل من منفعتها. كفاءة عملية تخصيص املوارد فاملؤسسة العامة تتبنى أهداف ا ال ميكن قياسها بصورة تسمح بتقديم األداء مثل املدارس والجامعات واملؤسسات الثقافية واملستشفيات. وهذا ما يجعل عملية تقييم األداء مسألة غاية يف الصعوبة من ناحية القبول االجتامعي والسيايس ملستويات األداء. كام أنه يف حالة تعدد األهداف يصعب عىل املستفيدين من الخدمة رقابة مستوى أداء املنظمة وهو ما قد يدفع املوظفني التباع مصالحهم الشخصية بل قد يؤدي أحيان ا تعدد األهداف إىل تزايد التكلفة. باختصار فإنه ويف ظل التسليم بالحاجة أحيان ا للتدخل الحكومي من ق بل أصحاب الفكر الليربايل فإنهم يرون أن القطاع العام -أو بصورة أعم تدخل الدولة- قد تعدى الحدود املثىل. هذا التوجه ترتجمه املقولة السائدة: أنه إذا أردت أن تثبت أن القطاع العام أكر قدرة وكفاءة عىل توفري السلع والخدمات من القطاع الخاص فإن عليك أن تتحمل نتيجة ذلك االدعاء. كذلك تؤكد األدبيات عىل أنه من الخطأ أن نعتقد أن كل حالة من حاالت الفشل تعني ضمني ا رضورة التدخل. التيار الفكري الداعي إىل التكامل بني آليات التدخل الحكومي وآليات السوق: بني الرفض التام للتدخل واملطالبة بتدخل أوسع يف النشاط االقتصادي ال بد أن نشري إىل تيار فكري ال يرفض مبدأ التدخل الحكومي بل يعتربه يف كثري من األحيان مؤثر ا عىل الحياة االقتصادية ولكن من ناحية أخرى يؤكد عىل أن التدخل الحكومي الخاطئ قد يكون له أثار سلبية مدمرة. وقد كانت تجربة دول جنوب رشق أسيا من أهم األمثلة التي أكدت أهمية فكرة التكامل بني آليات السوق والتدخل الحكومي أو ما ميكن أن نطلق عليه عالقة املشاركة بني الدولة والقطاع الخاص. هذا التيار الفكري يؤكد عىل مجموعة من األسس فيام يتعلق بدور الدولة والعالقة مع عمل آليات السوق. وتتمثل أهم هذه األسس فيام ييل: االعتامد عىل فرضية الفشل أي ا كان سببه أو مظهره كسبب للتدخل هي فرضية غري مكتملة فالقول برضورة تدخل القطاع العام يف نشاط ما يستلزم أوال تحديد موطن الفشل السوقي وثاني ا إثبات أن القطاع العام أكر قدرة عىل القيام باملهمة من القطاع الخاص إذ ال يوجد ما يؤكد أن الفشل السوقي يف حالة وجود االحتكار سوف يكون أفضل يف حالة امللكية العامة إذ قد تحل عدم الكفاءة يف التسعري محل عدم الكفاءة يف النفقة. إذا كانت مشكلة تحديد موطن الفشل أيرس نسبي ا فإن إثبات أن القطاع العام أكر قدرة عىل القيام باملهمة من القطاع الخاص مهمة ليست باليسرية ولهذا ميكن القول أن مسالة تحديد حدود للفصل بني ما يجب أن تقوم به الدولة )القطاع العام( وما يرتك للقطاع الخاص مسألة نسبية وديناميكية وفق ا ملنطق أن الرضورة تقدر بقدرها. ومن ثم فهناك عدة عوامل يجب أن تؤخذ يف االعتبار عند الوصول إىل شكل توافقي لهذه العالقة ملا بني ما هو عام وما هو خاص. إن مربرات التدخل الحكومي ال تفرتض التالزم بني اإلنتاج وبني تقديم الخدمة وامللكية فال داعي دامئ ا للتالزم بني امللكية وبني تقديم الخدمة. إذ تستطيع الدولة تقديم الخدمة أو السلعة من خالل العديد من اآلليات قد تكون امللكية العامة فيها إحدى هذه األشكال. فإذا تم تحديد السلع والخدمات التي عىل الحكومة أن تقدمها فإن التدخل الحكومي أو التدخل من خالل القطاع العام قد يأخذ عدة أشكال مثل الجمع بني امللكية العامة واإلنتاج )خدمات الدفاع والرشطة واملدارس العامة( أو تقديم أو توفري الخدمة دون القيام باإلنتاج من خالل االستعانة بالقطاع الخاص أو حتى من خالل التأثري عىل عملية تخصيص املوارد بواسطة القطاع الخاص من خالل التوجيه أو الدعم أو اإلرشاف خالل األطر القانونية. إطار التدخل الحكومي الكفء: مع التسليم برضورة التدخل الحكومي ويف إطار البحث عن أفضل حل توافقي بني التدخل الحكومي وآليات السوق فإن هناك ثالثة أسئلة رئيسية خاصة بالتدخل الحكومي متثل اإلجابة عليها مسألة أساسية لخلق اإلطار الكفء للتدخل الحكومي. هذه األسئلة هي: - ماذا يجب عىل الدولة أن تفعل )تحديد مواطن التدخل(. - كيف تقوم بالتدخل )تحديد آليات التدخل(. - كيف تصنع قرارات التدخل )البعد املؤسي آلليات التدخل الحكومي(. أشارت األدبيات إىل أن أهم مواطن التدخل الحكومي تشمل توفري البنية األساسية االقتصادية واالجتامعية وتشمل العديد من املجاالت مثل: التعليم والصحة والتكنولوجيا واملجال املايل ورأس املال املادي وحامية البيئة والحامية االجتامعية إىل غري ذلك من العديد من املجاالت. ونظر ا ألن الحجم الكبري ملثل هذه املرشوعات كان حتى وقت قريب أكرب من قدرة أي منتج فرد إال أن التقدم التكنولوجي أدى إىل تراجع هذا التدخل وبالتايل تراجع دور الدولة يف مجال البنية األساسية من تقديم الخدمة إىل اإلرشاف عىل تقدميها. كام شملت محاور التدخل أيض ا توفري املؤسسات الالزمة لتقوية وتدعيم دور السوق ودعم القطاع الخاص. فوفق ا لأدبيات فإن الدولة مسؤولة عن توفري الدعم للقطاع الخاص مبا يتامىش مع أهداف املجتمع التنموية. كام يتطلب دعم القطاع الخاص اتخاذ إجراءات خاصة ليؤىت مثار ا إيجابية وهو يتطلب قدر ا كبري ا من الشفافية ووضع معايري لكفاءة األداء للقطاع الخاص. كذلك فإن مسالة عدالة التوزيع تعد موطن ا من مواطن التدخل الحميد إذ إن عدالة التوزيع تعد رشط ا رضوري ا للنمو االقتصادي. من املحاور الهامة أيض ا للتدخل الحكومي هي حامية االقتصاد القومي من التعرض للصدمات الخارجية يف ظل العوملة االقتصادية. ومن أمثلة هذه الصدمات األزمات املالية وأزمات ارتفاع أسعار الغذاء العاملية وأسعار النفط وما شابه. ففي ظل العوملة االقتصادية يصبح االقتصاد أكر عرضة للتأثريات الخارجية إذ إنه من الصعب السيطرة عىل حركة املعامالت االقتصادية حالي ا مقارنة بذي قبل. كذلك يؤكد هذا التيار التوافقي عىل أن الصورة التقليدية لدور الدولة أو التدخل الحكومي تعني قيام الدولة من خاللها قطاعها اإلنتاجي بتقديم السلع والخدمات العامة يغفل التطور الذي طرأ عىل املجتمعات والسلع والخدمات املختلفة بل ويتجاهل اختالف اآللية باختالف الدور الذي تلعبه الدولة. وهنا ميكن أن منيز بني خمسة أدوار أساسية لدور الدولة يف الحياة االقتصادية: - ١ املقدم املبارش للسلعة أو الخدمة provider( :)direct وهنا ال بد من سبب اسرتاتيجي لقيام الدولة بتويل املسؤولية

28 املبارشة عن العملية اإلنتاجية إذ تكون تكلفة الفشل failure( )market ة بصورة معنوية ومن أمثلة ذلك القوات املسلحة. ويقتي النجاح للقيام بهذه املهمة أن يكون لدى الحكومة معلومات كافية عام يحيط بكيفية أداء تلك الخدمة. - ٢ الرقابة وإدارة توفري الخدمات العامة :)commissioner( يف هذه الحالة فان الخدمة ميكن توفريها بواسطة القطاع الخاص ويتم تصحيح حاالت الفشل السوقي من خالل آليات التدخل الحكومي سواء من خالل الرضائب أو الدعم أو التقنني وغريها من األدوات. - ٣ توفري املعلومات provider( :)information وهنا تقوم الدولة بتوفري املعلومات لأفراد حتى يتمكنوا من اتخاذ القرارات املناسبة دون تدخل مبارش من قبل الدولة. - ٤ املنظم أو املراقب :)regulator( وهنا تقوم الدولة بتنظيم العملية التي يتم من خاللها توفري الخدمة والتي عادة ما تكون الدولة مسؤولة عن توفريها. وهنا تحدد الدولة املعايري املختلفة ألداء الخدمة وتراقب من يقدمها كقيام الدولة بتنظيم سوق االتصاالت. - ٥ املرشع أو املتقن :)legislator( وهنا تقوم الدولة بسن الترشيعات التي تحدد القواعد التي تؤسس عليها السياسيات املختلفة. أما عىل مستوى تطوير أداء املؤسسة العامة والقطاع العام أو قيامه مبهامها أو مهامه املختلفة اقرتحت األدبيات مجموعة من اإلجراءات والتي من شأنها دعم كفاءة املؤسسات العامة. من أهم هذه اإلجراءات: ١- استخدام املزايدات واملناقصات يف عملية توفري الخدمات العامة. - ٢ تقوية واستقالل أجهزة الرقابة عىل أداء املؤسسات العامة وإرشاك عدد من املستقلني يف أجهزة الرقابة تلك وذلك إلشاعة جو من الشفافية واملساءلة واملحاسبة. ٣- تطبيق نظام عقود األداء contracting( )performance عىل الخدمات التي ال تستطيع الدولة فيها الدخول مع القطاع الخاص يف عالقات مشاركة. - ٤ االستعانة بالقطاع الخاص للحصول عىل العديد من الخدمات فيام يعرف بعقود املشاركة. - ٦ االستفادة من املعلومات املتاحة يف السوق الستخدامها يف حالة املشرتيات الحكومية. - ١ االقتصاد يعمل عند مستوى التوظف الكامل: ويعني هذا االفرتاض أن جميع عنارص اإلنتاج املتوفرة مستخدمة استخدام ا أمثل وال توجد هناك أي عنارص إنتاجية معطلة. - ٢ ثبات كمية عنارص اإلنتاج يف االقتصاد: بحيث ال ميكن زيادة عدد أو حجم أو كميات عنارص اإلنتاج املتوفرة يف االقتصاد. - ٣ ثبات املستوى التقني: ويعني هذا االفرتاض استبعاد أي تطور تقني أو فني. - ٤ سلعتني: حيث نفرتض أن االقتصاد يقوم بإنتاج سلعتني فقط تتمثل األوىل يف سلعة استهالكية يتم استهالكها مبارشة بينام متثل السلع األخرى سلعة رأساملية والتي تستخدم يف عملية إنتاج سلع وخدمات أخرى )كجهاز إنتاجي معني أو آلة إنتاجية معينة(. إن االفرتاضات السابقة توضع أن الكميات التي يستطيع االقتصاد إنتاجها هي كميات محددة وهذا يعني يف حال استخدام جميع عنارص اإلنتاج مستوى التوظيف الكامل- وطبق ا للمستوى التقني املتوفر فإن االقتصاد يستطيع إنتاج أقى كمية ممكنة من السلع والخدمات. ولتوضيح هذه الفكرة نقوم باستخدام جدول إمكانيات اإلنتاج املوضح يف فيام ييل: لنفرتض أن االقتصاد يقوم بإنتاج سلعتني فقط: أسلحة )W( ومواد غذائية )F( وذلك باستخدام جميع عنارص اإلنتاج املتوفرة ومستوى تقنية معني. ويوضح الجدول التايل الكميات التي ميكن إنتاجها من السلعتني: إمكانيات اإلنتاج من السلعتني ) W (و )F(: االختيار أو التوزيع F W A B C D بصورة مخترصة فإن ما يراه هذا التيار التوافقي هو أن القضية ليست أن السوق بديل للدولة أو أن الدولة بديل للسوق ولكن األجدى أن نبحث عن الوسائل التي تضمن معالجة الفشل السوقي ومعالجة صور الفشل الحكومي من خالل إدراك عالقات التشابك بني التدخل الحكومي وآليات السوق. إن األصل هو عالقة مشاركة أكر من كونها عالقة تنافس. إن مشكلة الندرة تتطلب منا العمل نحو استخدام املوارد االقتصادية النادرة استخدام ا أكر كفاءة وذلك من أجل إشباع أكرب قدر ممكن من الحاجات والرغبات اإلنسانية الالمتناهية. وعىل الرغم من استخدام هذا املبدأ وبالتايل التوصل إىل مستوى التوظيف الكامل يف اإلنتاج وتحقيق الكفاءة اإلنتاجية إال أن االقتصاد ال يستطيع أن يستمر يف إنتاج كميات متزايدة من السلع والخدمات املختلفة إىل ما ال نهاية وهذا بالطبع يعني أن االقتصاد يعتمد عىل املوارد اإلنتاجية املستخدمة واملتوفرة لديه وال يستطيع تجاوز الطاقة اإلنتاجية القصوى املتاحة له. وميكن رشح هذه الفكرة باستخدام ما يسمى ب )منحنى إمكانيات اإلنتاج( والذي يوضح أقى كمية ميكن إنتاجها من السلع والخدمات املختلفة يف االقتصاد وذلك باستخدام املوارد اإلنتاجية املتوفرة وباستخدام التقنية املتوفرة. ويعتمد منحنى إمكانيات اإلنتاج عىل االفرتاضات التالية: E K G H I يوضح جدول إمكانيات اإلنتاج اختيارات متعددة إلنتاج السلعتني ) W (و )F( وذلك عندما يتم استخدام جميع عنارص اإلنتاج املتاحة واملستوى التقني املتوفر. فعىل سبيل املثال فإن االختيار )A( يعرب عن ذلك املستوى اإلنتاجي الذي يتم يف إنتاج )36( وحدة من املواد الغذائية وال يشء من األسلحة. وهذا يعني بالطبع أن جميع املوارد والطاقات اإلنتاجية موجهة بالكامل إىل إنتاج السلعة )F( يف حني ال توجد هنالك عنارص إنتاجية موظفة يف إنتاج السلعة األخرى )W(.

29 وباملقارنة فإن االختيار األخري )I( يوضح حالة مغايرة متام ا حيث يقوم االقتصاد بتوجيه جميع طاقاته اإلنتاجية إلنتاج السلعة )W( فقط حيث يقوم بإنتاج )8( وحدات منها يف حني ال يتم إنتاج أي وحدة من السلعة األخرى. أما بالنسبة للتوزيعات اإلنتاجية األخرى والتي تقع بني التوزيع ) A (و التوزيع )I( فتوضح املستويات املختلفة التي يتم فيها إنتاج كميات معينة من السلعتني. فالتوزيع) B ( يتضمن إنتاج )35( وحدة من السلعة )F( ووحدة واحدة من السلعة )W( أما عند التوزيع )H( فإن االقتصاد يقوم بإنتاج )7( وحدات من السلعة )W( و) 8 ( وحدات من السلعة )F(. و بسبب مشكلة الندرة فإن زيارة اإلنتاج من إحدى السلعتني ال بد وأن يكون عىل حساب الكمية املنتجة من السلعة األخرى. أي أن هناك تضحية وتكلفة فرصة بديلة يتم احتسابها. فعندما كانت جميع الطاقات واملوارد االقتصادية موجهة بالكامل نحو إنتاج السلعة )F( أي عند اختيار التوزيع )A( تضمن ذلك إنتاج )36( وحدة من السلعة )F( وال يشء من السلعة )F(. ولكن إذا قرر االقتصاد البدء بإنتاج الوحدة األوىل من السلعة )W( أي تم اختيار التوزيع )B( كان ذلك عىل حساب إنتاج كميات أقل من السلعة )F( حيث يتم إنتاج )35( وحدة منها. وإذا قرر االقتصاد االستمرار يف زيادة اإلنتاج من السلعة )W( إىل إنتاج وحدتني أي االختيار )C( فإن ذلك سيكون عىل حساب إنتاج السلعة )F( حيث تنخفض الكمية املنتجة من )35( إىل )33( وحدة. إن االنتقال من توزيع إىل توزيع آخر يتضمن أيض ا تقديم تضحية وبالتايل تكلفة فرصة بديلة. فاالنتقال من التوزيع )A( إىل التوزيع ) B ( أي زيادة إنتاج السلعة )W( بوحدة واحدة كان عىل حساب التضحية بوحدة واحدة من السلعة )F(. أما تكلفة الفرصة البديلة إلنتاج الوحدة االضافية الثانية من السلعة )W( أي التوزيع )C( فتعادل وحدتني من السلعة )F( وهكذا. ويوضح الجدول التاىل مقدار التضحية املقدمة: ويوضح القانون التايل كيفية احتساب تكلفة الفرصة البديلة: مقدار التغري يف السلعة )F( مقدار التغري يف السلعة )W( منحنى إمكانيات اإلنتاج: ميكن استخدام البيانات املوجودة يف جدول )1.2( وذلك من أجل التوصل إىل )منحنى إمكانيات اإلنتاج( حيث نقوم بقياس السلعة األوىل )W( عىل املحور السيني والسلعة األخرى )F( عىل املحور الصادي. إمكانيات اإلنتاج من السلعتني ) W (و ) F (وتكلفة الفرصة البديلة: F االختيار أو التوزيع W مقدار التضحية A B C تجدر املالحظة هنا أنه وباستخدام الطاقة اإلنتاجية القصوى لالقتصاد أي باستخدام جميع عنارص اإلنتاج املتاحة واملستوى التقني املتوفر فإن أقى كمية ميكن إنتاجها هي تلك النقاط الواقعة عىل منحنى إمكانيات اإلنتاج كالنقاط (,C,A,B,D(,K I. وميكن تعريف هذه النقاط بأنها نقاط إنتاج أمثل حيث توضح هذه التوزيعات املختلفة أقى كمية ميكن إنتاجها من السلعتني. انتقال منحنى إمكانية اإلنتاج: D E K تجدر اإلشارة إىل أن املوقع الذي يتم رسم منحنى إمكانيات اإلنتاج فيه يعتمد عىل الطاقة اإلنتاجية املتوفرة واملستوى التقني املتاح. فإذا كانت الطاقة اإلنتاجية القتصاد معني أكرب من اقتصاد آخر فإن منحنى إمكانيات اإلنتاج يكون إىل اليمني )إىل الخارج( واألسباب التي تدفع إىل انتقال منحنى إمكانيات اإلنتاج: G H I 57 56

30 ١- تغري حجم وعدد أو كفاءة عنارص اإلنتاج: إن زيادة عدد العامل املستخدمني يف عملية اإلنتاج سيؤدي إىل انتقال منحنى إمكانيات اإلنتاج ليكون إىل اليمني وإىل األعىل يف حني أن فقدان العاملة للمهارات سيؤدي إىل انتقال املنحنى إىل الداخل. ٢- تغري املستوى التقني: إن التطور التقني سيؤدي إىل انتقال املنحنى إىل اليمني يف حني أن رداءة التقنية املستخدمة يف اإلنتاج ستعمل عىل انتقال املنحنى للخارج. يعترب كل من التوسع يف توفري املياه النظيفة والتوسع يف الرعاية الصحية األولية مفيد ا ولكنهام يف الغالب سيؤثران يف التحسن يف الصحة عىل األرس املعيشية املختلفة بشكل يختلف حسب وضع وتركيب كل منها بل يختلف بني أعضاء األرسة الواحدة. ومن مزايا فهم التكاليف والعوائد التي تعود عىل الفئات االقتصادية املختلفة أننا نعرف من هو الطرف املتوقع أن يستفيد )وبالتايل يؤيد السياسة( ومن سيخرس )وبالتايل يعارض السياسة( الفرصة البديلة يف عالقة بالسياسات العامة: كيف يتسنى لنا أن نعلم ما إذا كان األمر يستحق إنفاق املوارد الضئيلة الواردة من الرضائب عىل اسرتاتيجية معينة أو برنامج معني كيف لنا أن نختار بني البدائل هل تنفيذ أي تدخل دامئ ا أفضل من عدم التدخل تلتزم الحكومة بقياس العائد من البدائل املتوفرة لالستثامرات حتى تتمكن من اإلملام بالعائد عىل املرصوفات من املال العام ومن استثامر املوارد العامة بالفعالية والكفاءة املطلوبة. وبشكل عام تستحق السياسة العمل بها عندما يفوق العائد منها قيمة التكاليف وتصبح مفضلة عن باقي السياسات عندما تعود بأعىل صاىف عائد عىل املعطى من مرصوفات. ولكن كيف يتسنى لنا قياس التكاليف والعوائد ويعترب تحليل التكلفة والعائد مفيد ا أيض ا يف مقارنة التدخالت يف مجاالت غري مرتبطة ببعضها ولكنها يجوز أن تدفع نحو األمام الغايات املرجوة بشكل أكر فعالية. ويوفر مثل هذا النوع من التحليالت املعلومات التي تساعد صانعي السياسات عىل اختيار اتجاه السياسة املحتملة وعىل تقييم الربنامج املنفذ بالفعل مقارنة بالربامج األخرى. ونذكر مثاال عىل ذلك أنه يجوز أن يحدث تحسن يف وضع الرفاهة من خالل تخصيص االستثامر من أجل توفري املياه النظيفة التي تؤدي بدورها إىل تحسني الصحة كام أنها ميكن أن تأيت أيض ا عن طريق رفع معدالت االلتحاق باملدارس. ما هو االختيار األفضل يتعامل تحليل التكلفة والعائد مع قياس النتائج التي ال تقارن ببعضها يف الحاالت األخرى وهذا يعني قيمة تدفق العوائد عىل املستفيدين من الربنامج وغريهم. هذا باإلضافة إىل أن تحليل التكلفة والعائد يسمح بإجراء املقارنة بني الربامج التي لعوائدها وتكاليفها مردود عىل فئات مختلفة من الناس ولكن كيف ميكن لنا أن نقارن التحسن الذي يطرأ عىل الرفاهية بني األرس املعيشة مثال عىل ذلك: القسم الثالث : تحليل بيئة السياسات العامة لقد أدركت الحكومات عىل تباين أنظمتها السياسية واتجاهاتها الفكرية أنها بحاجة إىل دعم ومساندة شعوبها ملا تتخذه من قرارات وما تقوم به من أعامل متنوعة يف جميع الظروف واألوقات. وحتى يتحقق لها ذلك فإنها أخذت تسعى جاهدة إىل حل مشاكلهم واالستجابة ملطالبهم املتنوعة من خالل مجموعة من الخطط والربامج )يطلق عليها السياسات العامة( الهادفة إىل تحقيق جملة من املنافع وتخفيف املعاناة عن الغالبية منهم. كام أن ما مييز السياسات العامة هو شمولية نتائجها لرشائح واسعة من املجتمع إن مل يكن املجتمع كله مام يحتم االهتامم بصياغتها أو رسمها بشكل يؤدي إىل زيادة فرص نجاحها وتحقيق املنافع املتوقعة عند تنفيذها وتقليل احتامالت فشلها إىل أقل نسبة ممكنة. فالسياسات العامة التي تصاغ بشكل دقيق باالعتامد عىل معلومات ومعطيات صادقة وصحيحة تجنب املجتمع الكثري من التضحيات واآلالم واإلحباط الذي يصاحب تنفيذ السياسات العامة الفاشلة أو املرسومة بشكل غري صحيح. ولي يتم الوصول اىل هذا الهدف ال بد من التعرف عىل ما ييل: تعريف املشكلة العامة: ميكن تعريف املشكلة العامة ألغراض صنع السياسات العامة بأنها:»موقف أو حالة تحرك الحاجات والشعور بعدم الرضا لدى أفراد املجتمع مام يدفعهم لطلب العون أو تدخل الحكومة للمساعدة يف إزالة ما يعانون منه«:Smith(( 1964: 604. فعىل سبيل املثال ميكن اعتبار تفي الجرمية أو البطالة أو ارتفاع األسعار )التضخم( أو تفي األوبئة واألمراض وانتشار اآلفات الزراعية وتلوث البيئة ونقص الغذاء وصعوبة املواصالت وازدحام الطرق وتدين مستوى الخدمات العامة وتفي الرشوة واملحسوبية وغريها مشاكل تدعو صانعي السياسة

31 العامة لدراستها وتحليلها من أجل وضع املعالجات الرضورية ألن مشاكل كهذه تثري اهتامم وقلق رشيحة أو أكر- من رشائحه أو فئاته االجتامعية أو السياسية وقد ميتد تأثريها ليشمل املجتمع بكامل فئاته. كام عرفت املشكلة بأنها:»حاجات غري مشبعة وقيم غري مدركة أو مفهومة ميكن إشباعها أو تحقيقها بالنشاط أو الفعل الحكومي«1979:Dunny( (. وإن املعلومات الرضورية ملعرفة طبيعة املشكلة والحلول الالزمة لها ميكن الحصول عليها باستخدام أساليب التحليل املتنوعة. ومام تجدر مالحظته أن املعنيني بحل املشاكل العامة غالب ا ما يفشلون يف اختيار الحلول املناسبة ملواجهة مشاكل السياسات العامة بسبب فشلهم يف اكتشاف أو معرفة األسباب الحقيقية للمشكلة العامة. إذ إن الصياغة الدقيقة للمشكلة ينتج عنها يف الغالب حلول صحيحة. تحليل املشكلة: هو: عملية يتم خاللها تحليل املشكلة لفهم األسباب ذات املستويات املختلفة التي أدت إىل حدوثها. ونعني باألسباب هنا العوامل املختلفة الرتاكمية التي تؤدي مجتمعة إىل حدوث املشكلة وكذلك النتائج املتعددة التي ترتبت عليها والتي تنعكس بشكل سلبي عىل أفراد املجتمع ومتثل عائق ا يف تنمية هذا املجتمع. من يستخدمه يفضل أن يستخدم هذا األسلوب مبعرفة مجموعة من األشخاص الذين لهم عالقة باملشكلة من املتأثرين بها )أفراد من املجتمع( والذين يعملون عىل املساعدة يف حلها والذين ميكن أن يكون لهم دور أسايس يف حلها من الرسميني أو غريهم ويفضل أن يكون لكل هؤالء أدوار مختلفة داخل املجتمع حيث يسهم كل منهم برأيه فيام يتعلق بأسباب ونتائج املشكلة. ويضمن هذا التنوع يف القامئني عىل عملية تحليل املشكلة املوضوعية واملنطقية يف التحليل والبعد عن التحيز. فوائد استخدامه: يساهم هذا األسلوب يف تدعيم روح الجامعة من خالل املشاركة يف تحليل أحد املشكالت التي تهم جميع أعضائها باإلضافة إىل احرتام اآلراء املتباينة وهو ما يعترب أحد دعائم عملية التنمية كام أنه يعطي الفرصة لهذه الجامعة للتعلم من خالل تبادل الخربات وتحليل مشكالتهم بشكل منطقي والتعرف عىل الفرق بني املشكلة وأسبابها ونتائجها ومؤرشات حدوثها وأخري ا فإن النتيجة املتوقعة هي وضع املقرتحات املناسبة لحل هذه املشكلة وكيفية مساهمة املجموعة يف حلها. وعند إجراء هذه العملية عىل أكر من مشكلة ميكن الحكم عيل أي املشكالت التي يجب البدء يف حلها وما يليها. املشكلة األسباب النتائجتحليل أصحاب املصلحة: ما هي الصياغة مثال عىل الصياغة النتائج أو أعراض املشكلة أسباب أو جذور املشكلة املشكلة متثل النتائج أعراض املشكلة أو مظاهرها. وتصف النتائج كيف يعاين املترضرون من الرجال ميثل السبب جذر املشكلة وتوضح األسباب ملاذا وكيف ظهرت تلك املشكلة يف مكان ووقت ما وملاذا تتمثل املشكلة يف وجود زيادة يف رضر ما أو انخفاض أو نقص يف خدمة أو مورد أو فرصة ما. أصابت فئات معينة أو جميع فئات والنساء من تلك املشكلة. املجتمع. تحتوي صياغة املشكلة عىل: الحالة التي تسبب املعاناة. وصف الفئات املترضرة من وجود املشكلة. وصف رسيع لنتائج املشكلة. وصف رسيع ألهم أسباب ظهور املشكلة. مكان تواجد هذه املشكلة. ملدة التي ظهرت فيها تلك ا ملشكلة. ويراعى أن صياغة املشكلة ال تحتوي عىل»عدم«أو»ال يوجد«أو مرادفاتها. ويفضل استخدام كلامت مثل»زيادة«أو»نقص«أو»ضعف«. متثل الصياغة التالية مثاال ملشكلة: تراكم القاممة يف شوارع القرية وتحول تلك املناطق إىل بؤرة للحرشات والقوارض الناقلة للعدوى. ويعاين من هذه املشكلة %70 من أهايل القرية. وظهرت هذه املشكلة بشكل كبري منذ استغناء األرس عن حرق القاممة يف األفران البلدي. صياغة السبب تكون مخترصة وتعرب عن سلوك أو أفعال أو توزيع موارد بشكل معني أو زيادة يف موارد مرضة أو نقص يف الخدمات. ويؤدي هذا كله إىل ظهور تلك املشكلة. أثناء صياغة أسباب أو جذور املشكالت يتم مراعاة ارتباط األسباب املختلفة. بالنسبة ألسباب مشكلة تراكم القاممة تكون كالتايل: تخلص ربات البيوت والفتيات من القاممة يف الشارع )سلوك(. قلة تردد عامل القاممة عىل املنطقة )نقص يف الخدمة(. تأخر األهايل يف دفع تكاليف إزالة القاممة )سلوك(. عدم إعطاء األهايل أولوية لإلنفاق عىل إزالة القاممة )توزيع موارد(. أولوية اإلنفاق عىل العالج والتعليم )توزيع موارد(. صياغة النتيجة تكون مخترصة وتعرب عن أثر إما عىل صحة املترضرين أو حالتهم االقتصادية أو االجتامعية أو التعليمية. أثناء صياغة النتائج يتم التأكيد كذلك من ارتباط النتائج ببعضها البعض وأنها توضح مظاهر أو أعراض موجودة فعال يف املجتمع. بالنسبة ألسباب مشكلة تراكم القاممة تكون كالتايل: تخلص ربات البيوت والفتيات من القاممة يف الشارع )سلوك(. قلة تردد عامل القاممة عىل املنطقة )نقص يف الخدمة(. تأخر األهايل يف دفع تكاليف إزالة القاممة )سلوك(. عدم إعطاء األهايل أولوية لإلنفاق عىل إزالة القاممة )توزيع موارد(. أولوية اإلنفاق عىل العالج والتعليم )توزيع موارد(

32 تحليل أصحاب املصلحة: من هم أصحاب املصلحة هم األفراد أو املؤسسات املعنيني ملقرتح السياسات العامة وميكن تصنيفهم عىل سبيل املثال: الحكومة / نقابات / مؤسسات املجتمع املدىن / اإلعالم / رجال الدين / املستهلكني/...إلخ. خطوات تحديد أصحاب املصلحة الخطوة 1: تحديد أصحاب املصلحة تتمثل الخطوة األوىل يف تحديد من هم أصحاب املصلحة ذوي الصلة أى نقوم هنا برسد وإعداد قامئة بالجهات واألفراد املتعلقني يف قضية ما ومن هنا من املمكن أن يتم تحليل صاحب املصلحة والذي هو يف جوهره: نظرة أكر تعمق ا إىل مصالح مجموعة من أصحاب املصالح. كيف سيتأثرون. إىل أية درجة. ما التأثري الذي بإمكانهم مامرسته يف مقرتحات السياسية العامة. الخطوة األوىل هي التأكد من أصحاب املصلحة ذوي الصلة وتحديد من هم من حيث هذه القضية بحد ذاتها. وعندما تصبح القامئة جاهزة عىل نحو معقول سيكون من املمكن تحديد األولويات مثة ترجمة أصحاب املصلحة ذوي )األولوية القصوى(. الخطوة 2: تقييم أصحاب املصلحة ذوي الصلة مع األخذ ىف االعتبار أن جدول )تحليل السلطة( التايل هو جدول عام يوضح )املوقف-درجة التأثري-حجج التأثري( ألصحاب املصلحة وعىل الشخص الذى يقوم بإجراء التحليل لكل فئة من أصحاب املصلحة أن يحلل كل فئة تحليال دقيق ا. عىل سبيل املثال: ينبغي تحديد )أعضاء مجلس الشعب( من خالل حزب سيايس وتحديد كل وزارة ذات صلة )واإلدارات داخل الوزارات( وتصنيف نقابات العامل )القطاع الخاص أو العام( وهكذا.الخطوة الحلفاء واملؤيدون. املجموعة الوسطى )املحايدون(. املعارضون ويتم تحديدهم وفق ا لطبيعة ونوع املشكلة. وعلية أصحاب املصلحة

33 أصحاب املصلحة رئيس الوزراء والوزراء أعضاء الربملان واألحزاب السياسية إدارات الشؤون العامة: جميع مصالح القطاعات العامة األخرى من مجموعة واسعة من الوزارات والوكاالت املهنيني املنظمني الذين يتأثرون مبقرتحات منظامت أصحاب العمل جمعيات القطاع الخاص األخرى نقابات العامل منظامت املجتمع املدين األكادمييون ومراكز البحوث ومجموعات املفكرين وسائل اإلعالم الجمهور العام الصلة داعم غري ملتزم معارض داعم غري ملتزم معارض داعم غري ملتزم معارض داعم غري ملتزم معارض داعم غري ملتزم معارض داعم غري ملتزم معارض داعم غري ملتزم معارض داعم غري ملتزم معارض داعم غري ملتزم معارض داعم غري ملتزم معارض السلطة الدعم إيجايب محايد سلبي إيجايب محايد سلبي إيجايب محايد سلبي إيجايب محايد سلبي إيجايب محايد سلبي إيجايب محايد سلبي إيجايب محايد سلبي إيجايب محايد سلبي إيجايب محايد سلبي إيجايب محايد سلبي التأثري النطاق عىل سبيل املثال: املجاالت )الخرضاء( ستشري إىل أصحاب مصلحة رئيسيني. الخطوة 3: العوامل للتأثري عىل أصحاب املصلحة ]1[ وهى: تغري املفاهيم: يستجيب أصحاب املصلحة ملجموعة من الحوافز التي تنشأ عن تصوراتهم بشأن فوائد وتكاليف التغيري. وتكون هذه الفوائد والتكاليف وجهات نظر شخصية وأحيان ا مهنية وتتعلق مبا هو األفضل للبلد. والتصورات بشأن فوائد املقرتحات وتكاليفها قد تتغري مبرور الوقت. عرض الحجج لخدمة املصالح الذاتية: قد تنطوي إدارة مصالح أصحاب املصلحة عىل تغيري النظرة إىل املصلحة الذاتية ملجموعة نشطة بالفعل أو تغيري وجهات النظر بشأن املشكلة أو الحل أو مخاطر أو فوائد التغيري أو تكاليف عدم اإلصالح. وينطوي ذلك عىل دحض حجج املصلحة الذاتية ضد املقرتح. توفري معلومات أفضل: مبا أن املعلومات عن فوائد التغيري املقرتح تغدو أكر توفر ا فمن املمكن أن تصبح وسائل اإلعالم والجمهور أكر دعام وبالتايل يخلق ذلك درجة من الزخم. وقد تكون املعلومات التي تتعلق مبا تقوم به البلدان األخرى مفيدة للغاية كدليل عىل هذه الحالة. مثال :- دراسة مشكالت الفقر / البطالة / التعليم 4. التنظيم األفضل: أين نجحت منظامت أصحاب العمل يف حشد جمعيات أعامل أخرى لدعم هذه املقرتحات قد يخدم ذلك يف زيادة مصداقية املقرتحات. 5.التغيريات يف املقرتحات: وهذا يعني التسوية: تعيد منظامت أصحاب العمل تصميم املقرتحات أو تغيريها بهدف استيعاب أصحاب املصلحة اآلخرين الذين من شأنهم دعم هذه املقرتحات عندها. هذا نهج واقعي ولكن كام ذكر أعاله األمر الحاسم يف نجاح مقرتحات منظمة أصحاب العمل هو املهارة يف معرفة متى وكيفية استيعاب املشاغل ولكن دون التضحية إىل حد بعيد بالكثري من الفوائد التي تسعى منظامت أصحاب العمل إىل الحصول عليها. وهذا يف الغالب مقايضة للتكاليف بالفوائد

34 تحليل البدائل: تعترب مرحلة تحليل البدائل هي املرحلة الثانية من مراحل رسم السياسات العامة وتكمن أهمية مرحلة تحليل البدائل فيام ييل: إنها املرحلة التي تنتج اختيار أفضل السياسات العامة لحل املشكلة موضوع الدراسة وكلام كانت السياسات العامة تعالج مشكلة عامة فإنها تحظى باهتامم ومشاركة أكرب من قيادات الدولة واألحزاب السياسية وجامعات الضغط ووسائل اإلعالم. تحليل البدائل/ مستويات السياسات العامة: التعرف عىل مستويات السياسة العامة: جمع املعلومات والبيانات. تحديد مجموعة من البدائل املحتملة لتحقيق األهداف العامة املوضوعة لها لغرض تلبية حاجات ورغبات املستهدفني منها والتي تساهم يف حل املشكلة يف حدود املوارد املتاحة واملخصصة لكل منها. - الختيار البدائل املتاحة تجرى عملية نقاش حول كل بديل من بدائل السياسات العامة املقرتحة والتي قد تكون عىل شكل برامج أو مشاريع والتي تهدف ملعالجة قضية ما. - عدم إلغاء السياسات املحتملة كسياسات عامة لحل املشكلة موضوع الدراسة حتى تلك التي تبدو غري قابلة للتنفيذ يف الوقت الراهن. - القيام بعملية التحقيق من البدائل املتاحة ودرجة قبولها واإلمكانات واملوارد املتاحة: األموال املطلوبة لتنفيذ السياسة العامة )التكاليف(. املهارات والخربات واملعارف. املدة الزمنية لتنفيذه. تحليل كل بديل عىل حدة / استخدام أداة :SWOT القيام بعملية تحليل كل بديل عىل حدةة من حيث: مزايا كل بديل / نقاط القوة. عيوب كل بديل /نقاط الضعف. الفرص والتهديدات لكل بديل. تحليل البدائل املمكنة: مستوى عام MACRO POLITICS سياسات عامة لحل قضايا عامة تهم الرأي العام و االأحزاب واملواطنني. مستوى جزيئ MICRO POLITICS سياسات جزئية تصاغ استجابة لقضية أو مطلب يتم من خاللها صدور قرارات لصالح فئة معينة. بعد عملية تحليل كل بديل عىل حدة يتم اختيار البدائل األكر: واقعية. قابلية التنفيذ )اإلمكانات املتاحة(. املوارد املالية. املوارد البرشية. املوارد املادية. تتوافق مع نصوص دستور الدولة واملبادئ والقواعد العامة. قابلة للقياس. تقييم البدائل / املفاضلة بني البدائل: 67 التحقق من البدائل املطروحة: من املهم عند تحديد بدائل السياسات العامة القيام بالتايل: 66 تهدف هذه املرحلة إىل التوصل إىل اختيار البديل األمثل للسياسة العامة: يتم تقييم البدائل من خالل: وضع معايري للتقييم )مبعزل عن أي توجه(. وضع أوزان نسبية للمعايري. دراسة البدائل وفق ا للمعايري. عمل مفاضلة بني البدائل واختيار البديل األمثل وفقا للمعايري واألوزان.

35 ثانيا : اقرار السياسة العامة مع مالحظة أهمية أن تكون آثاره اإليجابية ومنافعه أكر من غريه من البدائل/اإليجابيات واملنافع مقابل السلبيات واألرضار. إذن... مفهوم إقرار السياسة العامة: هي العملية التي يرتجم فيها النظام السيايس رؤيته وفلسفته ووعوده من خاللها إىل سياسات وقرارات تحدث التغيري املرغوب. وهي أيض ا مجموعة الخطوات التي يتم من خاللها اتخاذ القرار بالبديل األنسب للسياسة العامة وإصدار القرار بهذه السياسة من قبل املستويات املعنية بإصدار السياسة. يتم اختيار البديل األمثل الذي عىل ضوئه تصاغ السياسة العامة ويحقق أفضل النتائج بأقل التكاليف ويستهدف أكرب عدد ممكن من املتأثرين. اختيار البديل األمثل يعني اختيار البديل الذي يحقق نتائج إيجابية ومنفعة أكرب للمستفيدين ويحقق أهداف السياسة العامة لحل املشكلة موضوع الدراسة وإحداث تغيري إيجايب عىل مستوى األفراد واملجتمع ويؤدي إىل تحقيق إشباع الحاجات والرغبات التي قامت من أجلها السياسة العامة. اختيار البديل األفضل يتطلب وجود تفاعل بني املعنيني الختيار أحد البدائل املطروحة بوصفه معرب ا عن السياسة العامة األكر قبوال من ق بل األطراف املستفيدة واملعنية برسم السياسات

36 املتطلبات األساسية لعملية إقرار السياسة: وجود إطار منظم وواضح لآلليات التي متر بها السياسة العامة للصياغة وللمناقشة واإلقرار. تحقيق مستوى عال من التنسيق بني من يقدم السياسة العامة لإلقرار واألطراف املعنية باإلقرار والوسطاء الذين متر عربهم عملية اإلقرار. التحضري الجيد لعرض السياسة العامة ودعمها باملعلومات الالزمة والتي توضح ملتخذ القرار أهميتها ورضورة إصدارها. تحديد واختيار املوعد املالئم لعرض السياسة العامة للمناقشة من خالل التنسيق إلدراجها يف األجندة باملوعد املناسب. حسن استخدام اإلعالم يف التأثري عىل صانعي القرار أثناء مناقشة السياسة العامة وإبراز أهميتها للمجتمع أو تسليط الضوء عىل آثار ومخاطر املشكلة التي تتطلب وضع سياسة عامة لها. تنفيذ السياسه العامة : ماذا نعني ب تنفيذ السياسة العامة هي ترجمة السياسة العامة مبا تنطوي عليه من أهداف وقواعد ومبادئ إىل خطط وبرامج عمل محددة تهدف إىل تحقيق األهداف املرجوة. وميكن تعريفها أيض ا بأنها: مجموعة األنشطة واإلجراءات التنفيذية الهادفة إلخراج السياسة العامة أو قراراتها إىل حيز الواقع العميل وتقوم عىل استخدام املصادر واملوارد البرشية واملادية والتكنولوجية وغريها يف سبيل تحقيق مقاصد السياسة العامة معوقات إقرار السياسة العامة: ضعف عملية تحليل السياسة العامة وصياغتها مام يؤثر عىل ثقة صانع القرار يف مضمون السياسة العامة. ازدحام األجندة بقضايا أهم يؤدي إىل تأخري مناقشة السياسة العامة وإقرارها. ضعف التنسيق بني األطراف املعنية سواء الرسمية أو غري الرسمية أو مع صناع القرار أنفسهم. تباين واختالف جامعات املصالح وتباين رؤى متخذي القرار. عدم كفاية املعلومات الالزمة إليضاح أهمية إقرار السياسة العامة يف املوعد املحدد لها. ظهور متغريات جديدة تدفع السياسيني وصناع القرار إىل تأجيل إقرار السياسة العامة. عدم وضع إجراءات عملية لإلقرار أو التعقيد يف تلك اإلجراءات مام يطيل من الزمن الالزم لسري عملية اإلقرار ويؤخرها حتى ظهور متغريات جديدة تؤجل من إصدارها. غياب اإلطار املؤسي املعني مبتابعة وتنظيم وتنسيق عملية إقرار السياسة العامة يف كل مستوى من مستويات إقرار السياسة العامة. مصادر التمويل: تعترب مصادر التمويل من أهم عنارص نجاح تنفيذ السياسة العامة حيث ال ميكن تنفيذ أي برامج أو مشاريع دون رصد وتوفري املوارد املالية الالزمة وهي نوعان: اختيار الوقت املناسب لتنفيذ السياسة العامة ووضع برنامج زمني للتنفيذ 3.2 خطوات عملية تنفيذ السياسة العامة امليزانية العامة للدولة القروض الخارجية املنح...إلخ داخلية خارجية 71 70

37 عنارص عملية تنفيذ السياسة: كيف من هي الجهات/املنظامت املنفذة للسياسة كيف يجب أن تفرس السياسة توزيع املوارد )كيف يتم تقسيم امليزانية ( أي كادر وظيفي سينفذ هذ السياسة ما هي الوحدات اإلدارية املعنية بتنفيذ السياسة القرارات )كيف سيتم تنفيذ القرارات( بالتايل فامليزانية العامة هي أحد أساليب تقييم السياسة العامة والحكم عىل فعاليتها من خالل قياس املنافع مقارنة بالتكاليف. رابع ا: التوظيف: استكامل الوظائف املطلوبة لكل سياسة )الجهاز التنفيذي( من خالل توظيف املوارد البرشية املؤهلة الالزمة لرتجمة الخطط والربامج إىل عمل وإنتاج. أوال : التخطيط: هو عملية اختيار الوسائل الكفيلة لخدمة األهداف وبالتايل فهو عملية تنطوي عىل االختيار بني مجموعة من البدائل املتاحة للوصول إىل الهدف. ثاني ا: التنظيم: تكوين الجهاز الوظيفي الذي يتوىل تنفيذ ما تتضمنه الخطط من برامج ومرشوعات وبطبيعة الحال أداء التنظيم الجهاز الوظيفي»اإلداري«يتوقف عليه مدى نجاح السياسة العامة يف تحقيق أهدافها. ثالث ا: املوارد املالية: التمويل هو عصب السياسة العامة وهو رضورة حيوية لعملية تنفيذها مبا تنطوي عليه من تخطيط و تنظيم وتوظيف اإلنتاج. التمويل هو قرار سيايس يحدد مقدار املال العام الذي تخصصه الحكومة لتنفيذ سياسة عامة وكذلك تحديد مصدر هذا املال الالزم. عادة يكون قرار التمويل مضمن ا للميزانية العامة للدولة وبالتايل فإن امليزانية العامة تؤدي دور: 1- التأكد من سالمة استعامل األموال العامة يف األغراض املخصصة لها التأكد من االستفادة من األموال العامة من خالل قياس املنافع نسبة لأموال

38 أبرز معوقات تنفيذ السياسات العامة: غياب خطة واضحة لعملية التنفيذ ومتطلباتها األساسية. شح املوارد املالية واملتطلبات املادية الالزمة للتنفيذ. ضعف االهتامم بتهيئة املتطلبات املؤسسية لأجهزة التنفيذية املعنية بالتنفيذ. القصور يف القدرات البرشية املعنية بعملية التنفيذ. ضعف عملية االتصال والتنسيق بني الجهات املعنية بالتنفيذ يف حال كانت للسياسة العامة أكر من جهة منفذة. بروز رصاع أو تنافس بني األطراف املعنية بالتنفيذ أو أصحاب املصالح وجامعات الضغط مام يؤثر عىل توجهات تنفيذ السياسة العامة ويعيقها. القصور يف الدور اإلعالمي والتوعوي للجمهور املستهدف بالسياسة العامة الجاري تنفيذها. غياب املساندة والدعم القانوين والسيايس لبعض السياسات العامة بعد صدورها. الفساد اإلداري الكامن يف املؤسسات املعنية بالتنفيذ. سوء اختيار الوقت املالئم لبدء تنفيذ السياسة. ضعف عملية املشاركة مع مؤسسات املجتمع املدين ومتكينها من لعب دور فاعل يف عملية تنفيذ السياسة العامة والتوعية بها